قررت حكومة هونغ كونغ منح 9 مليارات دولار مجاناً لما يقارب 7 ملايين من سكان المنطقة الصينية المضطربة. من المنظور العالمي، تبدو هذه محاولة يائسة لتحفيز الاقتصاد المحلي في وقت أصاب فيه فيروس كورونا الأسواق العالمية بالشلل. في نفس الوقت، يمكن أن تعد هذه الخطوة جزءً من جهود الحكومة لإيقاف الاحتجاجات المستمرة في المدينة.
هل تحاول هونغ كونغ تسكين الاحتجاجات بالمال المجاني؟
في ديسمبر/كانون الأول 2018، تصدر ونغ تشنغ كيت، المؤثر الصيني الشهير في مجال العملات المشفرة البالغ من العمر 24 عاماً، عناوين الأخبار حول العالم بعد اعتقاله بسبب إلقائه لرزم من أوراق الـ 100 دولار الهونغ كونغي من سطح مبنى في المدينة مما خلق موجة من الهستيريا الجماعية. صرح مليونير البتكوين في ذلك الوقت بأن هذه المخاطرة أشعرته بأنه “إله” يمطر الناس بالنقود في واحد من أفقر أحياء المدينة. والآن يخطط شخص آخر لمخاطرة مشابهة على مقياس أكبر بكثير، لكن لا تتوقع أن يعتقل هو الآخر في أي وقت قريب.
قال بول تشان مو بو، وزير المالية في هونغ كونغ يوم الأربعاء 26 فبراير/شباط 2020 “لقد قررت توزيع 10 آلاف دولار هونغ كونغي على المقيمين الدائمين في المدينة ممن تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، بهدف تشجيع وتحفيز الاستهلاك المحلي من ناحية، وتخفيف أعباء الناس المالية من ناحية أخرى”. ومع تجاوز تقديرات أعداد السكان الذين تنطبق عليهم المواصفات التي وضعها تشان، 7 مليون نسمة، سيتجاوز المبلغ الكلي الـ 70 مليار دولار هونغ كونغي، أي ما يقارب 9 مليار دولار أميركي.
تمثل هذه المنحة المالية نواة حزمة تحفيز اقتصادي أعلنت عنها الحكومة، بقيمة 15 مليار دولار. تشمل الخطوات الأخرى في الخطة مساعدة العائلات الفقيرة عبر خصم قيمة شهر من إيجارات الإسكان العام، ومساعدة الشركات المتعثرة عبر خفض الضرائب ودعم الكهرباء.
السبب الأساسي المعلن لحزمة التحفيز هذه هو انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي “وجه ضربة قاسية للنشاطات والحس الاقتصادي في هونغ كونغ” وفقاً لتشان. بدأ الوباء في البر الرئيسي في الصين، وأحدث اضطرابات في كثير من سلاسل الإمداد العالمية، وأضر بقطاع السياحة في المنطقة ضرراً بالغاً، وتتضمن الخطة إجراءات معينة لمواجهة هذه المشكلة.
المشكلة المستعصية الأخرى التي يواجهها الاقتصاد المحلي هي الاحتجاجات التي لا تنتهي في المدينة ضد ما يعتبره كثير من سكان المدينة، فقداناً لحريتهم لصالح بكين. بدأت الاحتجاجات في يونيو/حزيران 2019 بسبب خطة تسمح بتسليم المجرمين إلى الصين، في خطوة خشي كثيرون من أنها تهدد الاستقلال القضائي للإقليم. سحب قانون تسليم المجرمين المثير للجدل في سبتمبر/أيلول، لكن العنف المتكرر من قوات الشرطة أزكى نيران الحركة الاحتجاجية المستمرة.
قال تشان “كشف الاضطرابات الاجتماعية عن صراعات متجذرة في مجتمعنا، لا يمكن حلها بين عشية وضحاها. علينا أن نعالج هذه الصراعات بصبر وتأن لأن لها تأثيرات عميقة على استقرار ونمو هونغ كونغ في المستقبل”.
المال لا يهطل من طائرة مروحية
تطبيق هذه المنحة المالية التي تعد جزءً من خطة التحفيز، لا يتم في هونغ كونغ على نفس النحو الذي تتم به خطط مماثلة في أماكن أخرى من المعمورة. اشتهرت هونغ كونغ بأن لديها واحدة من أكثر المؤسسات المالية محافظة في العالم، ولا يبدو أن هذا الأمر قد تغير. لا تشمل الخطة طباعة أمال أو الاقتراض. فالخطوة يمولها الاحتياطي المالي الضخم لحكومة هونغ كونغ والذي يبلغ 1.1 تريليون دولار هونغ كونغي.
شرح جورج سيلجين، أستاذ الاقتصاد بجامعة جورجيا الأمر قائلاً “لم يتولد المال فجأة من الهواء، بل إن هذه المنحة المالية دفعت بالكامل ومسبقاً من قبل دافعي الضرائب مع فوائض كبيرة للإنفاق. هذه المنحة ليست سوى خطة من الحكومة لإعادة توزيع الدخل، دون أية أثار أو عواقب على السياسة المالية بأي شكل. أما من يبحثون عن اختبار نظرية أموال الطائرة المروحية أو اندلاع تضخم فائق في هونغ كونغ، عليهم أن ينتظروا قليلاً بعد، ومع بعض الحظ، ربما عليهم أن ينتظروا للأبد”.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة