في نوفمبر/تشرين الثاني، أصبحت ألمانيا قائدة العالم الحر في تقبل العملات المشفرة.
فقد أجاز البوندسرات، المجلس الأعلى في المؤسسة التشريعية الألمانية، مشروع قانون يسمح للمصارف الألمانية ببيع العملات المشفرة مباشرة والاحتفاظ في وصايتها لصالح العملاء ابتداء من الأول من يناير/كانون الثاني عام 2020.
ثم سيكون على الولايات الـ 16 أن تتخذ القرار الأخير في مشروع القانون، رغم أن المراقبين المحليين لا يتوقعون أن يشهد القانون مقاومة كبيرة على المستوى المحلي.
مما يعني أن الطريق صارت معبدة أمام تحول المشروع رسمياً إلى قانون سار، وهو يمثل نقطة تحول ليس في ألمانيا وحدها بل في صناعة العملات المشفرة عموماً.
العملات المشفرة من الهامش إلى الاعتراف العام في قلب أوروبا
ألمانيا هي واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، وأكثر الدول تأثيراً في الاتحاد الأوروبي. ولهذا، كثيراً ما تفرض ألمانيا الإيقاع الاقتصادي والسياسي للعديد من الدول في أوروبا.
يبعث المشرعون الألمان عبر مشروع قانون العملات المشفرة الجديد هذا، رسالة إلى الناخبين وإلى الساحة الدولية مفادها أن العملات المشفرة يجب اعتناقها وتبنيها وليس نبذها. هذه المرونة والحيوية ستجعل ألمانياً نقط جذب لمشاريع العملات المشفرة من جميع أنحاء العالم والتي ترغب في تأسيس قواعد لها في دولة مناصرة للعملات المشفرة.
قال سفن هيلدبرانت، كبير المستشارين في شركة DLC للاستشارات، الأسبوع الماضي “إن ألمانيا في طريقها لأن تصبح جنة وملاذاً للعملات المشفرة”.
بالتبعية، قد تتبع دول أخرى في أوروبا والعالم خطى ألمانيا وتمرر مجموعة من التشريعات المقننة للعملات المشفرة. إذا بدأت بنوك أكثر خلال العقد القادم في التعامل مباشرة مع العملات المشفرة، ستصبح المصارف الألمانية رائدة في هذا المجال.
في هذا الصدد، لا يمكننا أن نعبر عن مدى التأثير الذي سيحدثه القانون الجديد الصديق للعملات المشفرة في اتجاه التطبيع مع العملات المشفرة وشرعنة وضعها بوصفها طريقة من طرق التمويل السائدة. إذا أصبحت العملات الرقمية أدوات شائعة في الأنظمة المالية العالمية، سيكون القانون الألماني بمثابة إحدى أهم قطع الدومينو في مسار التغيير هذا.
تأتي إجازة مشروع القانون في أعقاب نشر الحكومة الألمانية لإستراتيجية وطنية للبلوكتشين لأول مرة في سبتمبر/أيلول الماضي. تضع هذه الإستراتيجية البلاد على مسار التحول إلى نقطة تجمع لشركات البلوكتشين.
قالت وزارتان في بيان مشترك في ذلك الوقت “يجب أن تصير ألمانيا موقعاً جذاباً لتطوير تطبيقات البلوكتشين والاستثمار في توسيعها وزيادة حجمها”.
ألمانيا بؤرة حراك “اليورو الرقمي”
على غرار الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة والبنك المركزي الصين، أولى كبار المسؤولين الماليين في أوروبا اهتماماً جاداً بمشروع العملة المستقرة ليبرا المدعوم من فيسبوك.
ورداً على المشروع، دعا بعض القادة الأوروبيين لفرض قيود أشد على العملات المشفرة بشكل عام. ورأى آخرون أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يصير مركزاً للريادة والإبداع في مجال العملات المشفرة.
تأتي جميعة المصارف الألمانية في صدارة الفريق الثاني؛ وهي جمعية تضم 200 مصرف خاص في ألمانيا وتمثل جماعة ضغط مالية في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. قبل عدة أسابيع، دعت الجمعية كبار صناع القرار في أوروبا إلى دعم تطوير يورو رقمي يتمتع بخصائص العقود الذكية، قائلين إنهم سيلتزمون بدعم هذه الجهود:
“ستؤدي البنوك الخاصة الألمانية دورها في تأسيس نظام نقدي مستقر ورائد. ولتحقيق هذا الهدف، يجب استحداث حساب مبرمج ويورو رقمي قائم على تكنولوجيا العملات المشفرة ويجب ضمان قدرته على العمل جنباً إلى جنب مع النقود الورقية. شرط تحقيق ذلك هو إنشاء منصة دفع عامة تشمل عموم أوروبا لليورو الرقمي المبرمج”.
جاءت دعوة الجمعية لإصدار يورو رقمي بعد شهر واحد من تصريح وزير المالية الألماني أولاف شولتز بأن أوروبا يجب أن تكون لها عملتها المشفرة العامة.
قال شولتز “لا يجب أن نترك الساحة للصين أو روسيا أو الولايات المتحدة أو أي جهات خاصة”.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة