لا يعد الأمر سراً أن كشف فيسبوك لمشروع العملة المشفرة الخاص بها، ليبرا، في يونيو/حزيران الماضي، قد أشعل فتيل غضب عدد من البنوك المركزية، والمؤسسات المالية، والحكومات حول العالم.
وبينما يتوقع أن تكون الليبرا مدعومة بنسبة 1:1 بأكبر العملات الورقية في العالم، فإن شبكة البلوكتشين تلك ستكون بديلاً كاملاً للنظام المالي الحالي، وهو الأمر الذي سيشكل عواقب على باقي العالم. لذا، فليس من الغريب أن تصدم ليبرا أصحاب السلطة.
في البداية، بدا أن الحكومات ستتعامل مع ليبرا عن طريق عرقلة تطويرها، مع دعوة السياسية الأميركية ماكسين ووترز فيسبوك إلى تعليق المشروع بشكل فوري. لا تزال تلك الدعاوى على الطاولة، إلا أن هناك حلاً آخر يجري تداوله في الوقت الحالي، وهو العملات الرقمية الخاصة بالبنوك المركزية.
وقد لا يصدق البعض أن ذلك الحل الخاص بإنشاء أصول مشفرة تابعة للحكومات يلقى قبولاً متزايداً لدى الحكومات. ومؤخراً، وافق أحد أهم الأشخاص في ألمانيا على فكرة امتلاك الاتحاد الأوروبي للعملة الرقمية الخاصة به.
سياسي ألماني بارز يدعم عملة اليورو المشفرة
أعرب أولاف شولتز، في حديثه إلى جريدة WirtschatsWoche، عن دعمه لليورو الرقمي. وقال وزير المالية الألماني، والذي يشغل كذلك منصب نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في إطار حديثه عن عملة مشفرة مركزية لمنطقة اليورو: “سيكون نظام المدفوعات ذاك جيداً للمركز المالي الأوروبي ولإدماج أوروبا بالنظام المالي العالمي. لا يجب علينا ترك الساحة خالية للصين وروسيا والولايات المتحدة والشركات الخاصة”.
ولا يعد شولتز السياسي الأوروبي الوحيد الداعم بقوة لفكرة اليورو الرقمي. فقد أعرب نظيره الفرنسي، برونو لامير، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن دعمه لأن تتخذ أوروبا خطوات جدية في مجال العملات المشفرة عن طريق طرح “عملة رقمية عامة”
سنتان إلى ثلاث سنوات
وبينما لا تزال النقاشات بشأن العملات الرقمية الخاصة بالبنوك المركزية في أطوارها التمهيدية، فإن الأمر قد لا يستغرق طويلاً، على الأقل بالمنظور الكبير، قبل أن تنفذ تلك المقترحات وتخرج هذه العملات إلى النور للمستخدمين.
وبحسب التقارير السابقة لموقع بلوكونومي Blocknomi، فإن كبير الاقتصاديين في المؤسسة المالية الهولندية (ING)، مارك كلايف، قد جادل بأن طرح ليبرا سيدفع البنوك المركزية للدول العشرين الكبرى، إلى طرح عملات رقمية مكتملة في المستقبل القريب.
وأضاف أنه بعد الكشف عن ليبرا، فقد شعر مجتمع السياسات المالية بضرورة أن تتصرف البنوك المركزية بسرعة رداً على تلك الأنباء. وزعم أن ذلك الحس بالضرورة سيدفع البنوك المركزية الكبرى إلى إنشاء أصولها الرقمية الخاصة خلال “السنتين أو الثلاث سنوات القادمة”.
وزعم أن الفوائد التي ستنتج عن إنشاء تلك الأصول ستسهم في تشجيع الاقتصاد. وتطرق كلايف بشكل موجز إلى أحد تلك الفوائد وهي نسب الفائدة السلبية. فمع وجود نظام قائم على رقمية مكتملة، فإن البنوك المركزية قد تفرض نسب فائدة سالبة على كل حسابات المستخدمين، وهو ما سيعطي السلطات قدرات كبيرة على توجيه مسار الاقتصاد.
رياح مناوئة لليبرا
وتكمن فائدة العملات الرقمية مثل اليورو الإلكتروني، أو الدولار الرقمي، إلخ.. في أنها ستقلل من قيمة الليبرا أو العملات المطروحة من قبل الشركات الخاصة، مما سيؤدي إلى عرقلة الجهود الرامية إلى إنشاء نظام مالي مستقل عن الأنظمة المتواجدة حالياً. لذا، فإن دعم شولتز لإنشاء عملة رقمية مدعومة من البنوك المركزية يعد ضربة لمشروعات وادي السيليكون.
إلا أن الأصول الرقمية الخاصة بمنطقة اليورو ليست العقبة الوحيدة في طريق ليبرا. ففي يوم الجمعة، الموافق 4 أكتوبر/تشرين الأول، صرّح المتحدث الرسمي باسم عملاق التكنولوجيا المالية بايبال PayPal عن انسحاب الشركة من اتحاد ليبرا. كما تراود ماستركارد Mastercard، وفيزا Visa وسترايب Stripe شكوك بشأن المشروع، بحسب تصريحات مصادر لوكالات الأنباء.
وعلى أي حال، ستكشف الأيام المقبلة عن مدى تأثير انسحاب شريك أساسي مثل بايبال، والمنافسة المتمثلة في العملات المشفرة المدعومة من جانب الحكومات، على الليبرا.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة