مع زيادة حجم المتاعب المصاحبة لاستخدام منصات التداول السائدة بسبب سياسات الخصوصية ولوائحها التطفُّلية، ينتقل بعض متداولي العملات المشفرة إلى التداول الأكثر خصوصيةً وجهاً لوجه. وبينما لا يناسب هذا المسار الجميع، ورغم كونه ينطوي على مخاطر فريدة من نوعها؛ لكنه يُقدِّم حلاً حقيقياً جداً للكثير من المشكلات المتفشية في منصات التداول السائدة حالياً. وهدف هذا التحليل هو تقديم عددٍ من أفضل الممارسات من أجل التداول في العملات المشفرة شخصياً بسلامةٍ ونجاح.
لماذا وجهاً لوجه؟
بالنسبة لأي أحدٍ جُمِّد رصيده على إحدى منصات التداول، لا يستدعي هذا السؤال تفكيراً. ونظراً لأنَّ غالبية محافظ منصات التداول هي محافظ وصائية، أي أنَّ الخدمة نفسها تتولَّى حفظ أرصدة المستخدمين وإدارتها مركزياً، فهذا يعني أنَّ خللاً أو اختراقاً أو مراجعةً حسابية واحدة من هيئةٍ تنظيمية حكومية يُمكن أن يحرَمك من أموالك إلى أجلٍ غير مسمَّى. وتكرَّرت أحداثٌ صادمةٌ كهذه بما يكفي لدرجة أنَّ الكثيرين -لأسباب مفهومة- لم يعودوا يريدون مواجهة هذه المخاطر. وهناك آخرون متخوِّفون بشأن خصوصية بياناتهم، ومعلوماتهم الشخصية، وأمانها. ومن ثمَّ فإنَّ التداول شخصياً بواسطة منصةٍ غير وصائية -أو غير ذلك- يسمح للمتداولين بحفظ الأرصدة حتى اللحظة الأخيرة، ويضمن لهم مزيداً من التحكُّم بها. مع ذلك، هناك أشياءٌ مهمة يجب وضعها في الحسبان من أجل التداول بأمانٍ ونجاح.
أفضل الممارسات
لتجنُّب التعرُّض للاحتيال، أو المكائد، أو المخاطر المحتملة؛ هناك بضع ممارسات مجرَّبة في التداول وجهاً لوجه. لكنَّ أبرزها هس مسألةٌ بسيطة: استعمل المنطق البديهي.
اختر منصةً أو مُتداولاً جديراً بالثقة
ربما تعرف شخصاً في مجتمعك يستخدم هو الآخر العملات المشفرة. وربما يكون صديق أحد أصدقائك، أو ربما شخصاً تعرفه من المهتمّين ببدء تداول العملات المشفرة، لكنه لا يعرف من أين يبدأ. وهناك أماكن مناسبة جداً للبدء عبر الإنترنت، ومنها: المنصَّات الموثوق بها، والتي تقوم على معاملات النظير إلى النظير، مثل المنصَّة الموجودة على local.bitcoin.com. وهناك منصات تقدم خدمة الإيداع الأعمى blind escrow، وخدمة المحادثات الخصوصية المشفَّرة بين الطرفين، وهذه هي أضمن المنصَّات. وبغض النظر عن اختيارك، عليك التجربة أولاً والتأكَّد من موثوقية المنصة.
ومن المُرجَّح أنَّ استخدام المنصات الغامضة غير المجرَّبة، أو التداول مع غرباء لا يتمتَّعون بسمعةٍ طيبة حول أمانتهم، لن ينتهي على خير. فهناك المحتالون -بالإضافة إلى العملاء الحكوميين- على بعض شبكات النظير إلى النظير، وهم في الواقع سيسعدون تماماً حين يوقعون حتى بأبرأ مستخدمي العملات المشفرة وأكثرهم التزاماً بالقانون، من أجل خدمة مصالحهم الشخصية.
أما المنصَّات حسنة الإدارة، فتضع نظام سمعةٍ يمكِّن المستخدمين من التحقُّق من المتداولين الذين أتمُّوا أكبر عددٍ من المعاملات بنجاح، إلى جانب خصائص التعليقات لتقييم جودة خدماتهم. فاحرص على التوصُّل إلى جميع تفاصيل عملية المداولة وإجراءاتها بوضوحٍ على تطبيق دردشة مشفَّر، قبل اللقاء من أجل إجراء العملية.
التقيا في أماكن عامة مفتوحة ومرئية
بعد التوصُّل إلى تفصيلات صفقتكما، وتقديم المعلومات الضرورية فقط إلى جهة الاتصال؛ التقيا في مكانٍ مفتوح ومرئي يرتاده الناس ويُوفِّر أيضاً جواً هادئاً لإجراء الصفقات. وتشمل الأماكن المناسبة جداً لإجراء مداولات العملات المشفرة: مقهىً هادئ مُضاء، أو مُلتقىً معروف أمام أعين الناس. ثق بحدسك عند مقابلة شخصٍ ما للمرة الأولى، وإذا شعرت بوجود أي شيء “مريب”، فلا تتردَّد في التراجع عن إتمام الصفقة بأدب.
أرني النقود، لكن في الخفاء
من أشهر طرق الاحتيال وجهاً لوجه هي إرسال رصيدك من البتكوين إلى الشخص الذي يجلس على الجانب المقابل من الطاولة، ومشاهدته يفرُّ دون دفع ثمنها لك. وفي هذا الموقف، يمكنك إما مطاردته (وهذا أمرٌ خطير)، أو الصياح، أو أن تهيم على وجهك، أو الاتصال بالشرطة. لكنك ستقف على الأرجح عاجزاً عن التصرف. فاحرص على أن يُريَك الشخص الآخر النقود أو بطاقات الهدايا، إلخ، أولاً قبل إرسال أي عملات.
يضع غالبية المتداولين المحترمين النقود على الطاولة خفية (في مظروف أو كتاب)، لتكون في متناول يدَ كلا الطرفين، ولتقليل احتمالات نجاح محاولات الهرب المفاجئة. وفور تحقُّق المشتري من وجود تأكِّيدات كافية؛ ينبغي أن يُمرِّر النقود ويدعو الطرف الآخر إلى عدِّها. وإذا كنت أنت مشتري العملات المشفرة، فاحرص على طمأنة البائع بإجراء المداولة على نحوٍ مشابه. أما صفقات تبادل العملات المشفرة بعملات مشفرة، فربَّما تتطلب مزيداً من الابتكار، لكن حريٌّ بالطرفين وضع كلا الجهازَين في متناول الأيدي وعلى مرأى من أعينهما.
العقلانية هي رقم واحد
هناك خيارات لا تُحصى لترتيب المداولات الموثوق بها، منها المداولات التجزيئية المنفَّذة خطوةً بخطوةٍ لأجل جسِّ النبض خلال اللقاء الأول، وعقود الخصوصية الجيدة جداً (PGP) التي تصعِّب على أحد الطرفين الكذب بشأن الاتفاق بعد إتمامه، والتحقُّق من سمعة المُتداول عن طريق جهات أخرى. ولكن كما ورد أعلاه، الأمر الأهم هو الوثوق بعقلك وبحدسك الغريزي. وإذا شعرت بأنَّ أحد جوانب ترتيب تداول العملات المشفرة مريب أو غير متَّسق، فلا بأس إطلاقاً بإلغاء الاتفاق والتراجع عنه. لكن في أغلب الأحيان تكون المداولات الشخصية بمثابة تجارب ودية ممتعة قد توفِّر سبيلاً للخروج من جحيم العزلة المتعجرف، الكامن في تغريدات العملات المشفرة على تويتر، واستنشاق بعض الهواء الطلق بينما تجمع العملات وتبني مجتمع البتكوين.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة