جاءت نهاية السنة المالية بالنسبة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية SEC تحت عنوان العملات المشفَّرة؛ إذ اختتمت هيئة الرقابة المالية الفترة بتسويتين مع مشروعين من مشروعات العملات المشفَّرة رفيعة المستوى في غضون يومين.
فخلال أقل من 24 ساعة من شيوع الخبر بأنَّ الهيئة نفذت تسوية بقرابة 24 مليون دولار أميركي مع الشركة المطوّرة لعملة الإيوس (EOS)، شركة بلوك وان Block.one، بسبب عرضها أوراقأً مالية غير مُسجّلة، أعلنت شركة نيبولوس Nebulous، وهي الشركة التي تقف خلف شبكة التخزين السحابي اللامركزي سيا Sia ونظامها الإيكولوجي ثنائي التوكن، في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2019 إنَّها هي الأخرى عقدت تسوية مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
ما السبب؟ تزعم هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أنَّ بيع الشركة في عام 2014 لتوكن السيا نوتس (SIA)، وهو توكن مختلف عن العملة المشفَّرة سيا كوين (SC) المتداولة على منصات تداول العملات المشفَّرة على مستوى العالم، كان يشكّل بدوره عرضاَ لأوراق مالية غير مُسجّلة. يُذكر أنَّ العرض جمع 120,000 دولار أميركي آنذاك، وتحولت توكنات سيا نوتس في ما بعد إلى ما يُسمى سيا فاندز (SF).
من جانبه، نشر مشروع سيا بياناً صحفياً في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر Twitter، جاء فيه: “خبر عظيم! عقدنا تسويةً مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لعرضنا في عام 2014 توكن سيا فاندز (توكن الأوراق المالية الخاص بنا)، ولم تتخذ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أي إجراءات تنفيذية ضد سيا كوين أو أي نشاط قائم حالياً على شبكة سيا. يمكن الاطلاع على البيان الصحفي من هذا الرابط. ها هو الموضوع! https://sia.tech/settlement2019“
بالطبع، بيع توكن الأوراق المالية، وتحويله في ما بعد، جاء قبل أن تنشر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية تقريرها التاريخي للمنظمات اللامركزية المستقلة DAO لعام 2017، الذي وجهّت فيه تحذيراً رسمياً للنظام الإيكولوجي للعملات المشفَّرة بأنَّ القوانين الفيدرالية للأوراق المالية تسري على عمليات بيع التوكنات التي في متناول المستثمرين في الولايات المتحدة.
جدير بالذكر أنَّ الهيئة الرقابية لم تتخذ أي إجراءات تنفيذية ضد عملة السيا كوين المشفَّرة الحالية؛ مما يشير إلى أنَّ الجهات التنظيمية بدورها لا تنظر إلى الأصل على أنَّه ورقة مالية.
في هذا الصدد، صرّحت الشركة على موقع شبكة سيا قائلةً: “دون الإقرار بمزاعم هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أو إنكارها، وافقت شركة نيبولوس على عقد تسوية، وستدفع تنازلاً بقيمة 120,000 دولار أميركي وفائدة قبل الحكم قيمتها 24,601.85 دولار أميركي وعقوبة مدنية مالية بمبلغ 80,000 دولار أميركي؛ بإجمالي 225,000 دولار أميركي تقريباً”.
مباشرةً من موقع بلوك وان للأخبار Block.one News
تأتي تسوية شركة نيبولوس مباشرةً في أعقاب تسوية شركة بلوك وان مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، التي أُعلن عنها بتاريخ 30 سبتمبر/ أيلول 2019، وشهدت موافقة الشركة على دفع عقوبة مدنية مالية قدرها 24 مليون دولار أميركي.
كانت الشركة قد أطلقت عرضاً أولياً للعملة ICO دام من صيف عام 2017 إلى صيف عام 2018، طرحت فيه للمستثمرين توكنات إيثريوم (ETH) ببروتوكول ERC 20 القياسي، حُوّلت في ما بعد إلى التوكنات الحالية على شبكة الإيوس. حسبما يُزعم، فقد جمعت بلوك وان مبلغاً وصل إلى 4 مليارات دولار أميركي من عملية البيع.
وعليه، قررت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أنَّ بلوك وان لم تُسجّل ذلك التوكن الأولي كأوراق مالية، ووافقت الشركة على دفع العقوبة التي تُقدّر بـ24 مليون دولار أميركي “دون الإقرار بالنتائج [الخاصة بالهيئة] أو إنكارها”، على حد تعبيرها.
أشاد البعض في عالم العملات المشفَّرة بهذه المرونة لقسوتها الشديدة، في حين اندهش آخرون من تساهل الهيئة. على أي حال، هذه التسوية تثبت أنَّ استخدام اسم “العرض الأولي للعملة” وإبعاد الشركات لنفسها بدرجة غير كافية عن المستثمرين الأميركيين لن يفلح مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
تعقيباً على ذلك، قالت ستيفاني أفاكيان، المدير المساعد لقسم التنفيذ لدى الهيئة: “يجب على الشركات التي تعرض الأوراق المالية أو تبيعها للمستثمرين في الولايات المتحدة أن تلتزم بقوانين الأوراق المالية بالبلاد، بغض النظر عن القطاع الذي تعمل به أو الأسماء التي تضعها على المنتجات الاستثمارية التي تُقدمها”.
نحو الحد الأدنى من المعايير في القطاع؟
هناك بضع دروس مستخلصة رئيسية من هذين الإجرائين التنفيذيين الأخيرين.
أولها أنَّ قضية سيا تبيّن أنَّ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مستعدة لملاحقة المشروعات التي طرحت أوراقاً مالية غير مسجّلة حتى قبل صدور تقرير المنظمات اللامركزية المستقلة لعام 2017. ثانياً، التسوية التي عقدتها شركة بلوك وان تدل على أنَّ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية سوف تراعي ما إذا كان التوكن كان ورقة مالية من قبل ولم يعد كذلك أم لا، على سبيل المثال: كيف أنَّ الهيئة قررت أنَّ توكن الإيوس ببروتوكول ERC 20 القياسي، الذي كان بمثابة “سنداً إذنياً” IOU، كان في الحقيقة ورقةً مالية، في حين لم يكن لديها ما تصرّح به حول توكن الإيوس الحالي الموجود على الشبكة الرئيسية للإيوس.
كان جايك شيرفينسكي، المستشار العام لدى التطبيق اللامركزي للإقراض كومباوند فاينانس Compound Finance، قد قال متأملاً، في موضوع مرتبط بالقضية على موقع تويتر، إنَّ الإجراءات الجديدة ربما تشير إلى الحد من اللامركزية الذي يجب على مشروعات التوكنات أن تبلغه كيلا تطالها الإجراءات التنفيذية لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
قال شيرفينسكي: “ربما تمثّل تلك التوكنات الحد الأدنى من المعايير في القطاع من أجل… تفادي اللوائح التنظيمية للأوراق المالية”.
نقطة أخيرة للتفكير فيها؟
إنَّ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لم تأتِ على هاتين الشركتين كلياً بالإجراءات التنفيذية؛ الأمر الذي يدل على أنَّ الهيئة الرقابية سوف تتساهل حيثما أمكن مع المشروعات التي تتعاون مع الجهة التنظيمية. لكنَّ بالتأكيد لا يمكن قول الأمر نفسه على المشروعات التي تفضَّل شن حرب على هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، كما في حالة عملة كين
(Kin).
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة