إذا كنت تطالع هذا المقال، فهناك احتمال كبير بأنَّ لديك أكثر من مجرد معرفة عابرة بالنظام الإيكولوجي للعملات المشفَّرة.
بناءً على ذلك، أنت تعرف أنَّ البتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH) هما المنصتان الأوسع شهرةً والأكثر استخداماً في تداول العملات المشفَّرة حالياً، وأنَّه ما من مشروعات أخرى غيرهما تقترب مجرد اقتراب من اعتلاء قمة اقتصاد العملات المشفَّرة في الوقت الراهن.
غير أنَّه عادةً ما يكون البتكوين مفهوماً أكثر بكثير من الإيثريوم، وهذا مفهوم: فهو موجود منذ وقت أطول بكثير، وحظى باهتمام أكثر شعبيةً، وهو أكثر تحفظاً وتحديداً في تصميمه؛ جميعها عوامل محركة أسهمت في جعل المشروع الأصلي للعملة المشفَّرة واضح المعالم، وبالتالي أسهل في الفهم، حتى بالنسبة للمبتدئين الجدد في المجال من غير الفنيين.
على الجهة الأخرى، هناك الإيثريوم الذي لا يزال غير مفهوم جيداً من جانب العديدين. تأمّل مثلاً مسألة المعروض النقدي.
فلنتحدث عن إصدار العملات
مع أنَّ إسقاط الإشارات من حين لآخر حول تخفيضات مكافآت التعدين Halvenings والانكماش و”سيكون هناك دائماً 21 مليون بتكوين فقط” قد بات عادةً مكتسبةً لدى كثير من مالكي البتكوين، لا يزال حتى بعض عشَّاق الإيثريوم يواجهون صعوبةً في توضيح كيف تسير عملية إصدار عملات الإيثريوم (ETH) بدقة.
انظر مثلاً التعليقات التي أدلى بها مؤخراً المساهم في الإيثريوم، أفتاب حسين (الشهير بلقب “المستثمر بالسندات المحسومة بدون عائد DC”)، في أطروحات الاستثمار المستقبلي التي كتبها للبتكوين والإيثريوم، أي ما الذي قد يأتي في صالح قيمة كلا المشروعين أو ضدها مستقبلاً.
في تلك التعليقات، زعم حسين أنَّ البتكوين تمتع بـ”مفهوم ثابت عن المعروض” يسهل فهمه، وكان “مفهوماً بالفعل من جانب كثير من جمهور المستثمرين المُستهدف منذ البداية”، كما لو كان “ذهباً رقمياً”، في حين كان هناك “فهم ضعيف حول المعروض من الإيثريوم”، نظراً إلى أنَّه لم يكن هناك “حد أقصى للقيمة السوقية” للمعروض من المشروع، وأنَّ “السوق لا يفهم الإصدار المقلّص المخطط أو حرق الرسوم بموجب إثبات الحصة PoS” أو تحوّل منصة العقود الذكية الوشيك إلى نظام إثبات الحصة.
بما أنَّ الإيثريوم يُعد حالياً ثاني أكبر مشروع عملة مشفَّرة وسلسلة بلوكتشين شعبيةً على الإطلاق، يبدو أنَّه من المفيد أن نتعمق في معالجة قصور الفهم المحيط بالمعروض منه؛ حتى يمكن للناس التوصّل إلى استنتاجاتهم الخاصة وتوضيح المسألة بأنفسهم على نحو أفضل.
“إصدار الحد الأدنى الضروري”
حسبما شرح الموقع التعليمي إيثريوم هاب EthHub بإيجاز، تتفادى سلسلة البلوكتشين الخاصة بالإيثريوم وجود نظام معروض ثابت عشوائي؛ إذ ذكر الموقع أنَّه: “ليس هناك معروض ثابت من الإيثريوم لأنَّ وجود المعروض الثابت يستلزم أيضاً ميزانية أمان ثابتة لشبكة الإيثريوم. بدلاً من تحسين أمن شبكة الإيثريوم عشوائياً، من الأفضل وصف السياسة النقدية لشبكة الإيثريوم بأنَّها “إصدار الحد الأدنى من العملات لتأمين الشبكة””.
ومع ذلك، تبلغ مكافأة تعدين البلوك الحالية على شبكة الإيثريوم، وهي مقدار الإيثريوم المدفوع عن كل بلوك، 2 إيثريوم؛ ليصبح المعدل الحالي للإصدار السنوي للمشروع 4.5 بالمائة من إجمالي المعروض منه. بالطبع، هذا هو مقدار المبلغ المدفوع طالما لا تزال شبكة الإيثريوم معتمدة على التعدين القائم على إثبات العمل PoW.
لكن في العام القادم، 2020، من المقرر أن تبدأ منصة العقود الذكية المرحلة صفر من ترقيتها متعددة المراحل المسماة سيرينتي Serenity، التي ستشهد طرح شبكة الإيثريوم 2.0 بانتظام. عندما تبدأ المرحلة الثانية من تلك الترقية، ويتضاءل استخدام إثبات العمل إلى الأبد، سوف يحدث انخفاضاً حاداً آخر في إصدار عملات الإيثريوم، كما هو موضح في الرسم البياني التقديري التالي من موقع إيثريوم هاب:
لاحظ كيف أنَّه من المتوقع حدوث انخفاض حاد في إصدار عملات الإيثريوم في عام 2021. الصورة من موقع إيثريوم هاب.
الأمر برمته يتوقف على مقدار عملات الإيثريوم التي ستُخزن على شبكة الإيثريوم 2.0.
على سبيل المثال، لو أنَّ هناك 3 ملايين إيثريوم متضمنة في عملية المصادقة، فإنَّ من المتوقع لسقف الحد الأقصى للإصدار السنوي للشبكة أن يقف عند 0.30 بالمائة، أو 313,000 إيثريوم تقريباً. ولو كان هناك 10 ملايين إيثريوم متضمنة في العملية، فإنَّ الإصدار السنوي لن يتعدى 0.54 بالمائة، أو نحو 572,000 إيثريوم.
عوامل أخرى؟ عملات الإيثريوم المخفّضة، ومقترح تحسين الإيثريوم رقم 1559 EIP-1559، وغيرها كثير
من الممكن أن يتأثر الإصدار النقدي المستقبلي لشبكة الإيثريوم أكثر بعدة عوامل، حسبما ذكر أنتوني ساسانو من شركة ست بروتوكول Set Protocol في تغريدةً نشرها عبر حسابه على موقع تويتر Twitter في الآونة الأخيرة، قال فيها: “تخزين 10 مليون إيثريوم يُعطي معدل إصدار سنوي يبلغ 0.54%، وحرق 0.35% من المعروض كل عام يقلّص معدل الإصدار الفعّال إلى 0.19%. ثم أضف إلى ما سبق عملات الإيثريوم المفقودة والمخفّضة والمحصورة في الخدمات المالية اللامركزية DeFi والمُستخدمة لدفع إيجار الوضع. الحد الأقصى من المعروض؟ حيثما نتجه، لا نحتاج إلى حد أقصى للمعروض”. جاءت تلك التغريدة رداً على تغريدة أخرى قال فيها مطوّر الإيثريوم إيريك كونور: “تذكرة بأنَّه، إلى جانب تحسين سوق وقود الإيثريوم عديم الفعالية، سوف يُدخل مقترح تحسين الإيثريوم رقم 1559 EIP-1559 آلية لحرق رسوم الشبكة. يُذكر أنَّه في يوم الاثنين، 16 سبتمبر/ أيلول 2019، أُنفقت 1009 عملة إيثريوم على رسوم المعاملات؛ أي أنَّ ما يعادل 370,000 إيثريوم (0.35% من المعروض) يُحرق في السنة الواحدة. سيكون ذلك على الإيثريوم 2.0 تلقائياً”.
أحد العوامل الأخرى هو مقترح تحسين الإيثريوم EIP رقم 1559، الذي سوف يبدأ بحرق حصة من رسوم كل معاملة تجري على شبكة الإيثريوم.
إذا ما نُفذ هذا المقترح على المنصة، من المحتمل أن يقلص معدل إصدار الإيثريوم السنوي إلى حد كبير، علاوة على معدل الإصدار المقلّص بالفعل على شبكة الإيثريوم 2.0.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة