في أعقاب التحديث الأخير للشبكة، انفصلت بضع عقد عن بلوكتشين البتكوين إس في، وهو ما يبرز مرة أخرى الجدل الذي يثيره الهارد فورك في أوساط مجتمع العملات المشفرة ومطوريه.
وبحسب موقع استكشاف البلوكتشين بلوك تشير Blockchair، فإن ما يقرب من 20% من عقد بتكوين إس في لا تزال تعمل بنسخة أقدم من البرنامج، قبل أن ينتقل معظم بتكوين إس في إلى بلوكتشين جديد في التحديث المعروف بالهارد فورك، والذي تم تنفيذه في الرابع والعشرين من يوليو/تموز، والذي زاد من معيار حجم بلوك البلوكتشين إلى 2 غيغابايت بهدف زيادة حجم التعاملات.
ومن غير الواضح سبب عدم تحديث تلك العقد. وقد يرجع ذلك إلى أن مشغلي تلك العقد لم يتلقوا إشعاراً بالتحديث، أو أنهم تناسوا أن البرنامج الخاص بتلك العقد من طراز أقدم، أو أنهم لم يوافقوا ببساطة على التغييرات الخاصة بالهارد فورك وقرروا معارضتها.
وتعد البتكوين إس في، والتي لا يجب الخلط بينها وبين البتكوين (BTC)، من بنات أفكار رائد الأعمال كريغ رايت، والذي يصر على أنه مخترع البتكوين (برغم دحض العديد من الخبراء الأمنيين لأدلته التشفيرية). بالإضافة لكونه طرفاً في القضية المنظورة في المحاكم الأميركية، المتعلقة بزعمه أنه ساتوشي ناكاموتو.
وقال أحد ممثلي هيئة بتميكس BitMEX البحثية، وهي الجناح البحثي لأحد أكبر منصات التداول، لكوين ديسك CoinDesk: “حدث هارد فورك في البتكوين إس في، ونجم عنه انقسام في البلوكتشين، إذ يتحكم الهارد فورك في إحدى البلوكتشينات، بينما يتحكم الفرع الأصلي في بلوكتشين أخرى. وانضم معظم اقتصاد البتكوين إس في ومعدنيه إلى بلوكتشين الهارد فورك الجديدة. بينما لا تزال البلوكتشين الأصلية موجودة، إلا أن أهميتها الاقتصادية ضئيلة، إذ يضيع المعدنين أموالهم في التعدين عليها”.
إلا أن أهمية هذا المعيار لا تزال موضع جدل بعد عدة عمليات هارد فورك.
بتبسيط مخل، يجادل البعض أن الهارد فورك آلية جيدة للتحديث من أجل تطوير البلوكتشينات وإضافة مزايا جديدة إليها، بينما يصر منتقدوه على أن الهارد فورك لا يمكن تنفيذه إلا في حالة البلوكتشينات المركزية. وعلى الناحية الأخرى، فإن البلوكتشين القديمة تموت.
في البداية، قامت البتكوين إس في بالهارد فورك مؤقتاً، بينما ظل بعض المعدنين على البلوكتشين القديمة وعدنوا ما يتجاوز خمسين بلوك، مما أدى بهؤلاء المعدنين إلى خسارة مكافآت التعدين. إلا أن أغلبية المعدنين قد قاموا بإجراء التحديث، مما يعني أن البلوكتشين القديمة لن يُضاف إليها أي بلوكات أخرى.
وبينما قد يجادل المنتقدون بأن البلوكتشين الجديدة قد تركت عقداً خلفها، فإن ذلك يتسق مع رؤية البتكوين إس في والتي ترى أن المعدنين، وليس العقد، هم أهم ما في الشبكة.
وقال المطور في كوين غييك CoinGeek إيلي إفرام لكوين ديسك: “يمتلك المعدنون الآن السلطة الكافية لتقرير حدودهم. يعني نقل مسئولية حدود النظام إلى المعدنين أن السوق نفسها هي التي تقرر الخيار الأفضل للنظام. ولم يعد بيد مجموعات المطورين تحديد قوى السوق، وإنما أصبح ذلك بيد السوق نفسه”.
العقد العالقة
ولم يكن ترك العقد هو المشكلة الوحيدة في الفترة الماضية، فقد عانى عدد كبير من عقد البتكوين إس في من مشاكل متعلقة بمعالجة بلوك حجمه 210 ميغابايتس. وتعطل عمل تلك العقد وعجزت عن إرسال أو ترحيل التعاملات إلى شبكة البتكوين إس في.
إلا أن المشكلة ليست متعلقة بحجم البلوك نفسه، وإنما بأمر أعقد.
وقالت الذراع البحثية لبتميكس BitMEX Research لكوين ديسك: “السبب الرئيسي في المشكلة الخاصة بالبلوك لم تكن بسبب حجمه البالغ 210 ميغابايتس بالضرورة، فقد تعاملت شبكة البتكوين إس في مع بلوكات ذات حجم كبير، ولكن في احتوائه على عدد كبير من التعاملات، ما أدى إلى استهلاك البلوك قدراً كبيراً من الذاكرة الخاصة بالشبكة من أجل التحقق منه. بينما احتوت البلوكات الكبيرة السابقة بيانات OP_Return الأسهل في التأكد منها بالمقارنة بالتعاملات المادية”.
ويرى المنتقدون أن تلك إشارة أخرى على مركزية النظام لأن عدداً أقل من العقد لا تعاني من مشاكل مع البلوكات. إلا أن المنتمين لمجتمع البتكوين إس في لا ينظرون إلى الأمر بوصفه مشكلة.
وأضاف إفرام أن “ما حدث هو إسقاط بعض العقد الرخيصة من الشبكة”.
وفي أي من الحالتين، فإن معظم العقد قد تعافت منذ ذلك الوقت.
وقال أحد ممثلي بتميكس لكوين ديسك: “يبدو أن العقد قد نجحت في تجاوز ذلك البلوك أو استسلمت في النهاية”.
وكان للبلوكات الأكبر آثار أخرى مختلفة على البتكوين إس في. إذ كشف راين تشارلز، المدير التنفيذي لشركة موني باتون Money Button وأحد كبار المناصرين للبتكوين إس في، أنه بسبب ارتفاع تكلفة تشغيل عقدة بتكوين إس في بسبب متطلبات تخزين البيانات الخاصة بالبلوكات الكبيرة، فإنهم لن يقوموا بتشغيل عقد بتكوين إس في بعد الآن.
وفسر تشارلز وجهة نظره قائلاً: “ستتكلف العقدة الجديدة آلاف الدولارات لتشغيلها. ونظراً لازدياد حجم البلوكات، فسنضطر إلى تحديث العقد أكثر من مرة، مما يعني تضخم التكلفة”.
وأشعل هذا القرار الجدل. فكلما ازداد عدد العقد الكاملة، كلما أصبحت الشبكة أكثر لامركزية. ويشير قرار ماني باتون إلى أن عقد بتكوين إس في تنمو بسرعة مطردة فيما يتعلق بالبيانات مما يجعل تشغيلها مكلفاً للمستخدمين العاديين.
إلا أن ذلك يتسق مع رؤية بتكوين إس في المتعلقة بأن المعدنين هم أهم أطراف المعادلة. وتخطط بتكوين إس في لزيادة حجم البلوك لمرة أخيرة.
وبحسب تصريحات إفرام لكوين ديسك: “أنتظر لحظة إلغاء الحد الأقصى لحجم البلوك في السنة القادمة، لكي ينمو البتكوين دون قيود وبدون أن يعطله المطورون المحسوبون على النظام، وعندها سنغلق باب النقاش حول الهارد فورك للأبد”.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة