شهد يوم الثلاثاء الموافق 13 أغسطس/آب مناظرة مثيرة للاهتمام عما إذا كانت البتكوين تصاحبها مشكلة التوزيع غير العادل للثروة. كانت بداية هذا النقاش هي إحصائية نشرها المدير التنفيذي لشركة سيفيك Civic، فيني لينغهام، ومفادها أن 2 بالمائة فقط من عناوين المحافظ تمتلك 80 بالمائة من كافة عملات البتكوين، وهذا ما عارضه الشريك المؤسس لشركة إنترتشينج Interchange، دان هيلد، واستضافت هذه المناظرة بريثي كاسيريدي المهندسة في شركة كوين بيس Coinbase.
إذاً، هل لدى البتكوين مشكلة في توزيع الثروة؟
قبل البدء في هذا، هناك سؤال افتراضي
قبيل بدء المناظرة، عرّف المشاركان أنفسهما ومواقعهما الوظيفية. ثم تساءل لينغهام إذا كانت البتكوين قد شردت عن هدفها الأساسي. ولكن للأسف، بدا أن لينغهام هو من شرد عن هدف المناظرة طوال الساعة التالية.
كانت المشكلة هو أنه بدأ مباشرة في المواجهة والضغط على دان هيلد لمناقشة واستقراء موقف افتراضي. وهو إذا ارتفع سعر البتكوين ليصل إلى 10 مليون دولار اليوم، هل ستكون هناك مشكلة؟
أشار هيلد إلى أن هذا غير واقعي، وأن موجات الاحتفاظ بالعملات (HODL) تبين أن توزيع البتكوين يزداد كلما ازداد السعر، لأن لكل شخص سعراً ما سيبيع عنده، وعندما تزداد الأرباح، سيذهب أولئك “المحتفظون” لشراء الأشياء بأموال أرباحهم.
هذا من دون الحديث عن أن رأس المال السوقي للبتكوين سيكون حينئذ ستة أضعاف النقود الموجودة بالعالم. وإذا افترضنا أن حاملي البتكوين (الذين عددهم 50 مليون شخصاً، وهو أقل من 1% من تعداد سكان العالم) أصبحوا يمتلكون نسبة 6/7 من أموال العالم (التي أضيف لها ستة أضعاف للتو)، فحينئذ ستكون هناك مشكلات عديدة بالطبع.
ولكن هذا لن يحدث أبداً. لأن مبدأ العملات الرسمية سيندثر قبل الوصول لهذه النقطة. ويبدو أن لينغهام إما لم يسمع مطلقاً بالمسافر عبر الزمن الخاص بالبتكوين، أو أنه قضى وقتاً أكثر من اللازم في التأمل فيه.
العدل في البتكوين
على كلٍ، لم يؤد كل هذا إلى الإجابة عن سؤال ما إذا كانت لدى البتكوين مشكلة في توزيع الثروة. هل التوزيع المتركّز للبتكوين عادل؟
تحول لينغهام مجدداً إلى منطقة الافتراضات غير الواقعية. إذ طرح السؤال التالي: “ما هي أكبر كمية من الثروة يصح للفرد أن يمتلكها”؟
ومن ثم عارضه هيلد قائلاً إن هذا سؤال جيد ولكنه ليس مؤهلاً للإجابة عليه. وبالرغم من ذلك، فقد صرح أنه لن يضايقه أن يمتلك شخص واحد ما يصل إلى 97 بالمائة من ثروات العالم، طالما استطاع ربح هذه الأموال عن طريق استثمار رأس المال.
وعند الضغط على نقطة “ما هو الأمر العادل، ومن لديه الحق في القرار”؟، ذهب لينغهام في النهاية إلى القول بأن هذه هي السوق الحرة، لكن هيلد أوضح أن هذه هي الرأسمالية.
ثم تابع قائلاً إن ساتوشي قد جعل إطلاق البتكوين مثالاً عادلاً أكثر مما يستطيع أي شخص صياغته. إذ ضحّى المعدنون الأوائل (الذين من بينهم ساتوشي) بطاقة لإثبات العمل لتعدين ما بين 2 و3 ملايين عملة، التي لم تكن تساوي شيئاً في هذا الوقت. لذا، لا بد أن يُكافأ هؤلاء الذين خاطروا برأس المال في تلك المساعي البدائية.
بعدها قلل ساتوشي معدل الهاش الخاص به تدريجياً مع الوقت، ولم يتصرف مطلقاً في تلك العملات طوال عشر سنوات. يؤمن هيلد أن ضبط النفس لدى ساتوشي، بجانب إثبات عدم وجود تعدين مُسبق قبل وجود الشبكة، قد تشكلان زاوية لمناقشة مسألة العدالة في البتكوين.
اتفق طرفا المناظرة على أن الهدف المُطلق هو تحسين أوضاع البشر والحد من الألم والمعاناة. يؤمن هيلد أن الرأسمالية هي الطريقة المثلى لتحقيق هذا، بينما يؤمن لينغهام أنه من الأفضل اتباع نسق ما في توزيع الثروة لتحقيق هذا الهدف.
لكن هل هناك تركّز في توزيع البتكوين؟
حسناً، بالنسبة لبعض البيانات، فالإجابة نعم. إذ تحتفظ 2 بالمائة من عناوين المحافظ بنسبة 80 بالمائة من عملات البتكوين. ولكن كما يشير العديد من الناس، فإن النسبة لإجمالي عناوين المحافظ لا تمثل شيئاً.
إذ يمكن وجود أي عدد من العناوين التي تحتوي على مبالغ لا تُذكر. فهل يجب وضع حد أدنى للمحافظ كي نتخلص من هذه العناوين؟
في حقيقة الأمر، فإن عدد العناوين التي تحتفظ بنسبة 1 إلى مليار من إجمالي الأموال في العالم على أقل تقدير قد وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق. وهذا يفيد بتوزيع أكبر للثروة.
لن تختفي عدم المساواة في العالم. فالآن، يتحكم 1 بالمائة من البشر بأكثر من 50 بالمائة من ثروات العالم، ولا تزال هذه النسبة في الزيادة. ولكن، هل يمكن للبتكوين أن تفعل أي شيء لتغيير هذا؟ لا نظن أن هذا الأمر كان على أجندتها منذ البداية.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة