في الأسبوع الماضي، ظهر كريغ رايت، الرجل الذي يدعي بأنه ساتوشي ناكاموتو، في المحكمة وقدم شهادة عن سبب عدم امتلاكه إمكانية وصول إلى عناوين البتكوين العامة ومعلومات الثقة الخاصة به. ومنذ ذلك الحين قُدم للمحكمة الكثير من الأدلة الجديدة، وقد حلل أعضاء مجتمع العملات المشفرة شهادة رايت الأخيرة والوثائق المقدمة حديثاً.
لمدة سنوات الآن، زعم كريغ رايت الأسترالي الأصل للجمهور بأنه اخترع البتكوين (BTC) وحاول تقديم دلائل تثبت صحة مزاعمه. ومع ذلك، شكك عدد كبير من خبراء العملات المشفرة ومستخدمي البتكوين المشهورين في مصداقية كل مزاعمه تقريباً لدرجة أن بعضهم أطلق عليه لقب محتال. وتشمل قضية كليمان ضد رايت الخبير الجنائي الحاسوبي المتوفى الآن ديف كليمان.
وسبب إشراك ديف هو أن كثيراً من الأدلة المقدمة للمحكمة تشمل علاقة عمل لعدة سنوات بين كليمان ورايت. وبعد وفاة ديفيد، يُزعم أن رايت تواصل مع عائلته وشرح لهم أنه هو وديفيد كانا مشاركين في ابتكار البتكوين وكيف أنهما عدّنا كميات كبيرة من البتكوين خلال السنوات الأولى. والآن، تتهم إيرا كليمان، بالنيابة عن ممتلكات ديفيد، رايت بالمساس بأصول البتكوين التي تخص ديفيد وممتلكاته الفكرية بعد وفاته.
وجاءت شكوى ممتلكات كليمان كالتالي: “يتعلق هذا الأمر بالملكية الشرعية لمئات الآلاف من عملات البتكوين وحقوق الملكية الفكرية القيمة في تكنولوجيات بلوكتشين متعددة. وحتى تاريخ رفع الدعوى، تجاوزت قيمة هذه الأصول 5,118,266,427.50 دولار بكثير (قبل التعويضات الجزائية أو ثلاثية الأضعاف)”.
وبدأت الدعوى القضائية في فبراير/شباط 2018 وتشمل عملات بتكوين بقيمة مليارات الدولارات يُزعَم أنها موجودة في وديعة سرية تسمى تيوليب تراست Tulip Trust. وطلب فريق المحامين الذي يمثل كليمان من رايت تقديم عناوين البتكوين ومعلومات الثقة، ولكن حتى الآن تقول هيئة المُدعي إنه لم يمتثل. وعُقدت جلسة الاستماع في 28 يونيو/حزيران لفهم لماذا يعتقد رايت ومحاموه أنه لا ينبغي عقابه لعصيانه أمر المحكمة بتقديم ما طالبته به.
وعندما سُئل رايت لماذا لم يقدم قائمة بالعناوين العامة للمدّعين، شرح أنه “لا توجد عناوين عامة في نظام البتكوين”. وأكّد رايت للمحكمة على أن العناوين العامة “ليس لها وجود” وادعى أنه لا يوجد عناوين عامة في البتكوين على الإطلاق. وأجاب رايت: “استُخلصت البتكوين بحيث يستخدم المفتاح مرة واحدة فقط، وإذا ألقيت نظرة على الجزء في الورقة البيضاء، لاحقاً، ستجده ينص على أن المفاتيح لا يجب إعادة استخدامها كجدار حماية إضافي”.
التهم الموجهة لمؤسس موقع بتكوين دوت أورغ Bitcoin.org
وعندما سُئل رايت عن ما إذا كان على دراية بنظام البتكوين، قال إنه كان على دراية بالنظام الذي ابتكره وادّعى أنه “استخدم الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو” خلال هذه الفترة. ومرة أخرى، سُئل رايت حينها ما إذا كان يستطيع تقديم العناوين العامة في جلسة الاستماع. ورد رايت مرة أخرى: “إن كان بإمكاني، ما كنت لأقدم أول 70 عنوان، بل كنت لأقدم بقية العناوين. ويربطني أول 70 عنوان بساتوشي، ولم أكن أريد أن يتم ربطي بساتوشي”. وبعدها طُلب من رايت تفسير لماذا توقف عن التعامل بالاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو وادّعى أن الأمر كله بدأ بعد تأسيس موقع بتكوين دوت أورغ Bitcoin.org. وبعدها تابع رايت باتهام مارتي مالمي وثايموس بإنشاء “سيلك رود Silk Road، وهايدرا Hydra وعدد من المواقع الإلكترونية المظلمة الأخرى” إلى جانب روس أولبريخت. وذكرت شهادة رايت أن هذه المواقع الإلكترونية والمنتديات ابتُكرت لدعم بيع المخدرات، والأسلحة، والمواد الإباحية عن الأطفال، وأسواق الاغتيالات.
وبعد قراءة نسخة المحضر، تحدث بشكل رسمي مطور البتكوين الرائد مارتي مالمي وقال إن ادعاءات رايت “من الواضح أنها اتهامات ملفقة”. وخلال موضوع التغريدات، قال مالمي في البداية إنه كان يميل نحو عدم الرد بدعوى قضائية بالقذف والتشهير. ويبدو أن مالمي لم يتخذ قراراً بعد، ولكن كما توحي التعليقات الأخرى، قد يثأر من هذه الاتهامات.
وأوضح مالمي: “ومرة أخرى، سيكون من الرائع رؤية العدالة تأخذ مجراها وألا يهرب بافترائه السافر”.
وقال مطور البتكوين السابق: “بإلقاء نظرة فاحصة على نسخة المحضر، كريغ رايت يتهمنا أننا وثايموس بالتحريض على تجارة المخدرات، والاغتيالات، والإرهاب، وإباحية الأطفال. ولا يمكن تجاهل كل ذلك. وأريد شكر الجميع على الدعم الذي تلقيته ولقد وصلتني بالفعل اقتراحات عن من أين أبدأ، ولكن التوصيات المتعلقة بالمحامين الأكفاء مرحب بها”.
خبراء ويزسيك Wizsec يحللون شهادة رايت والتزويرات المزعومة
وبعد نشر نسخة محضر محاكمة رايت، حلل خبراء أمان البتكوين ويزسيك شهادته ووجدوا عدة ثغرات. وناقش خبراء ويزسيك كيف ركز محامي كليمان على رسالة بريد إلكتروني قدمها رايت بعد اكتشاف أنها مزورة كما هو مُزعَم. ورسالة البريد الإلكتروني بصيغة بي دي إف PDF ويُزعم أن ديفيد كليمان أرسلها في 24 يونيو/حزيران 2011. وقد عرض محامي كليمان وثيقة البي دي إف وشرح أنها رغم أنها تقول إنها أُنشئت في يوليو/تموز 2011، إلا أن البرنامج المستخدم في كتابة البيانات الوصفية في الوثيقة هو برنامج لم يُطلَق حتى صيف 2012.
وبالإضافة إلى ذلك، يقول تحليل ويزسيك إن وثيقة البي دي إف على أقل تقدير لابد أنها عُدلت بطريقة ما عند نقطة ما. وكتب خبراء ويزسيك: “بالتأكيد البيانات الوصفية لوثيقة البي دي إف تورد تاريخ تعديل في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2014، والذي يعرفه رايت بنفسه. ولكن ينكر رايت تعديل وثيقة البي دي إف في هذا الوقت”. وأشار محامي كليمان إلى أن وثيقة البي دي إف احتوت على سلسلة من الأكواد تشير كذلك أن الوثيقة عُدلت عند نقطة ما. وبعدها ادّعى رايت أن دفاع كليمان قدم وثيقة مزورة وألقى الوثيقة في الهواء وأعطاه القاضي تحذيراً.
ويقول بحث ويزسيك: “كل الأدلة المقدمة من المدعين تثير شكوكاً كبيرة حول مصداقية الرسالة الإلكترونية التي يُفترض أنها من ديفيد كليمان. ولا ينبغي لأي وثيقة شرعية أن تظهر عدة علامات على التلاعب، وحتى إذا أنكر رايت أنه زوّر أي شيء، فكل ذلك يضر بمصداقية أي وثائق أخرى مقدمة من جانب رايت، إن لم تضر مصداقية رايت نفسه”.
وبعد مناقشة رسالة البريد الإلكتروني، ناقش بعدها محامي كليمان وثيقة بي دي إف تسمى صك الملكية. وطبقاً لنسخة المحضر، استخرج الخبير الجنائي للمدعين بيانات وصفية من وثيقة البي دي إف تظهر أنها ضُمّنَت بخط كاليبري Calibri الذي ابتكر في 2015. ولكن يعتقد رايت وحتى بعض من أتباعه المخلصين أن خط الكاليبري تم تحديثه وأي وثيقة بي دي إف ستنتقل إلى الخط الجديد بعد الحدث.
وبالتأكيد، رفض كثير من معجبي رايت كل الادعاءات الموجهة ضده وحتى رايت نفسه يحاول مقاضاة أشخاص معينين لأنهم أطلقوا عليه لقب محتال. وكان أحد داعمي رايت على تويتر Twitter يتتبع كل التعليقات السلبية ضد رايت على منصة التواصل الاجتماعي. وحذر مستخدم تويتر: “إذا كنت تنشر الأكاذيب على تويتر، فمن الأفضل لك أن تتمنى لو أمن عملياتك هو الأفضل وأن يكون لديك محامون موكلون باسمك”. وفي الوقت نفسه، هناك كثير من مستخدمي البتكوين يقيّمون دراما المحكمة واعترضوا على جميع وثائق رايت ادعاءاته بأنه ساتوشي. وزيادة في السوء، اشترى هذا الأسبوع شخص مجهول الهوية اسم النطاق لوزر دوت كوم Loser.com مقابل 21 ألف دولار كما هو مُزعم والموقع الإلكتروني الآن يوجه إلى صفحة ويكيبيديا Wikipedia عن كريغ ستيفن رايت.
حكم المحكمة قد يصدر قريباً
وخلال جلسة الاستماع، استمر محامي كليمان في سؤال رايت عن عدد كبير من الوثائق التي على ما يبدو عُدلت في تاريخ لاحق، وهي رسالة بريد إلكتروني يُزعم أن رايت أرسلها لنفسه، ومجموعة أخرى من التناقضات في الوثائق. وبالإضافة إلى فحص ويزسيك، كتب دانيال كيلمان، وهو محامي كثيراً ما يناقش قضايا العملات المشفرة، أيضاً منشوراً بالغ التفصيل عن شهادة رايت الأخيرة. وقال كليمان إن رايت يعرف تماماً كيف يقدم عناوين عامة وأمر المحكمة كان واضحاً للغاية. ومع ذلك، في رأيه لم يقدم رايت العناوين ولم يمتثل لأمر المحكمة وفعل ذلك “عمداً” وأكّد كيلمان على ذلك. وقال المحامي القانوني إنه سيكون هناك جلسة استماع ثانية لاحقاً هذا الصيف ويتوقع سماع شهادة الشهود الآخرين ومزيد من المناقشات فيما يتعلق بأدلة تقنية معينة.
وكتب كيلمان: بعد جلسة الاستماع، ستصدر المحكمة حكمها. وكما أوضحنا سابقاً، قد يؤدي ذلك إلى فرض غرامات على رايت أو حبسه لمدة ستة أشهر. ويمكن أن تصدر المحكمة حكماً غيابياً لصالح كليمان أو تصدر الحكم المخفف بمنع رايت من الطعن في هذه الأمور، الشيء الذي سيسلم القضية إلى كليمان”.
وأضاف المحامي: “بناءً على أداء رايت في جلسة الاستماع يوم 28 يونيو/حزيران وأن لدى المحكمة بالفعل أسباب ضده لاتهامه بانتهاك حرمة المحكمة، لا أرى الأمور تجري في صالح رايت”.
وقد تنتهي قضية كليمان ضد رايت قريباً، ولكن لا تزال المحكمة بحاجة إلى الاستماع لشهود خبراء رايت بما فيهم بريت روبرسن، وكيفن مادورا، ومطور إن تشين Nchain ستيف شادرز. ولم يحدد بعد تاريخ هذه الجلسة، ولكن أفادت التقارير بأن كلا الطرفين يجب أن يحضرا إلى المحكمة أمام القاضية بيث بلوم في 10 يوليو/تموز. وحتى الآن كانت هناك كثير من الأدلة ضد ادعاءات رايت وقُدِّمت وثائق للمحكمة بالإضافة إلى شكاوى مجتمع العملات المشفرة المستمرة ضده.
وحلل خبراء ويزسيك وآخرون تفسيرات رايت التقنية عدة مرات في الماضي وما زالوا يؤمنون بأنه كذب في مرات كثيرة وأحاط روايته بالغموض باستخدام “ثرثرة تقنية”. وفصّل تحليل ويزسيك قائلاً: “خلط الكلمات ليس مقصود به مساعدة الجمهور الأقل تقنية على الفهم، بل مقصود به منعهم من الفهم أو طرح الأسئلة”.
واختتم البحث: “هذه خدعة محتال أساسية؛ “con” في كلمة “con artist وهي كلمة بمعنى فنان محتال” معناها ثقة، في النهاية، أن تبقي عقلك متفتحاً شيء لطيف، ولكنه يتطلب تفكيراً نقدياً نشطاً وأن تبحث بنفسك في الأشياء كما ينبغي حتى لا يتم استغلالك. وإذا كُشف كذب شخص ما 999 مرة، فلست ملزماُ بإبقاء عقلك متفتحاً للكذبة رقم ألف”.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة