إدوارد إفتودي مدرب مهارات تواصل للشركات، ومؤلف كتاب “Surviving Work”، وخبير في صناعة التكنولوجيا المالية الكندية وهاوٍ للبلوكتشين.

الوقت قد حان للأناس العاديين أن يتعلموا كيفية استخدام العملات المشفرة بشكل مسؤول. المنصات الإلكترونية مثل وي باي WePay وألي باي Alipay منتشرة بشكل مدهش في الصين. يبدو أنه لا مفر من أن الإتجاه إلى استعمال النقود الإلكترونية سينتشر في العالم كله ويبدو في حكم المؤكد أن العملات المشفرة ستملأ تلك السوق الجديدة. ومع ذلك، إن كنت مستجداً في عالم العملات المشفرة، فقد تقلقك القصص الجديدة التي تخطف الأنفاس والتي تتحدث عن اختراق منصات تداول العملات المشفرة واختفاء ما قيمته ملايين الدولارات من البتكوين (BTC) من منصات التداول أو من حسابات المستثمرين.

إن كنت تفكر “كيف سأستطيع استخدام هذا النوع الجديد من النقود الإلكترونية بدون أن أخسر، أو بدون أن تتعرض أموالي التي كددت في جمعها إلى السرقة” فهذه المقالة موجهة إليك.

المشاكل المحتملة في منصات التداول

إن كنت تريد تعلم أفضل الطرق للحفاظ على عملاتك المشفرة، فأول خطوة في ذلك الإتجاه هي فهم كيف خسر المستثمرون عملاتهم بسبب السرقة أو الاحتيال أو نتيجة فقدانها. تواجدت العملات المشفرة بشكل رسمي منذ عام 2009، إلا أن لدينا بضعة أمثلة ستساعدنا في فهم كيفية حماية استثماراتنا.

ماونت غوكس Mt. Gox – إبريل/نيسان من عام 2014: في ذروة نجاحها، كانت منصة ماونت غوكس مسئولة عن 70% من تعاملات البتكوين على مستوى العالم. في عام 2014، اختفت 850,000 عملة تمثل ما قيمته 450 مليون دولار أميركي في وقتها أو تمت سرقتها. برغم ذلك، وبحسب ويكيبيديا، فإن الكيفية التي اختفت أو سرقت بها العملات ما تزال غير واضحة، ما نعرفه أن تلك العملات قد أُخذت من محفظة ماونت غوكس الساخنة بشكل تدريجي.

كوادريغا سي إكس Quadriga CX – ديسمبر/كانون الأول من عام 2018: توفي جيرالد كوتون، المؤسس الكندي لكوادريغا، بشكل مفاجئ في التاسع من ديسمبر/كانون الأول في الهند بعد مضاعفات متعلقة بمرض كرون Crohn’s disease. فُقد ما يقرب من 180 مليون دولار كندي نظراً لأنه، بحسب ما يُعتقد، وبرغم عدم تيقن أحد من حقيقة الأمر، تلك الأموال كانت مخزنة في محافظ تخزين باردة لا يقدر على الوصول إليها إلا مؤسس الشركة. ومما زاد الأمر غموضاً أن كوادريغا كانت تعاني من أزمة سيولة منذ شهر يناير/كانون الثاني من عام 2018. مما أدى لانتشار عدد من نظريات المؤامرة حول اختفاء تلك الأرصدة، بحسب بي بي سي.

بينانس Binance – مايو/أيار من عام 2019: تم اختراق بينانس وفقدت 700,000 عملة بتكوين، تقدر قيمتها بأربعين مليون دولار أميركي. لحسن الحظ، فإن المحافظ المملوكة لأفراد، بالإضافة إلى محافظ التخزين الباردة الخاصة ببينانس، والتي حوت معظم الأموال، لم تتعرض للاختراق. وبحسب موقع ديكريبت Decrypt: “استخدم المخترقون عدة تقنيات، مثل الهجوم الاحتيالي (phishing) وفيروسات الحاسوب من أجل الوصول إلى محافظ بينانس الساخنة، والتي تحوي الأموال التي تستخدمها المنصة لإدارة عملياتها اليومية”.

وتوضح تلك الأمثلة أن المخترقين ينجذبون إلى المحافظ الساخنة على منصات تداول العملات المشفرة. ومنصات تداول العملات المشفرة أهداف مغرية للاختراق نظراً لتركز الكثير من العملات والمفاتيح الخاصة في مكان واحد. كما أن المنصات متصلة على نحو دائم بشبكة الإنترنت، مما يجعلها، نظرياً، عرضة للاختراق. تضيف حالة منصة كوادريغا تعقيداً إضافياً للمشكلة المتعلقة بالحفاظ على عملاتك المشفرة، فحتى لو كانت الأموال مخزنة في محفظة باردة تتحكم فيها منصة تداول العملة، فما الذي سيحدث إن أصاب مالكي المفاتيح خطب ما أو ماتوا بشكل مفاجئ؟

من أجل إلغاء احتمالية أن تتعرض أموالك للسرقة من أحد منصات تداول العملات المشفرة، أو أن تفقد نتيجة ضياع المفاتيح الخاصة، فمن الواضح أنك ستحتاج إلى نقل عملاتك إلى جهاز تتحكم أنت فيه بمفتاح خاص.

فهم الفارق بين المفاتيح العامة والخاصة

لكل محفظة نوعان من المفاتيح. النوع الأول هو مفتاحك العام، وهو ما يعتبر “عنواناً” يمكنك إرساله إلى الناس أو كود الاستجابة السريعة في تطبيق محفظتك الذي يمكنك إظهاره للآخرين لكي تستطيع استقبال العملات المشفرة على محفظتك. لا تسمح المفاتيح العامة للناس بسحب عملات من محفظتك. إذا أردت إرسال عملات مشفرة إلى شخص آخر، سيتوجب عليهم إرسال مفتاحهم العام إليك أو سيتوجب عليهم السماح لك بمسح كود الاستجابة السريعة الخاص بهم.

النوع الثاني من المفاتيح هو المفتاح الخاص. يتم إنشاء المفتاح الخاص عندما تقوم بتنصيب محفظتك لأول مرة وتقوم بإنشاء جملة استعادة. جملة الاستعادة هي سلسلة تتكون من 12 إلى 24 كلمة تقوم باختيارها بنفسك عندما تقوم بتنصيب المحفظة وإنشاء حسابك. سيتوجب عليك استعمال هذه الجملة، والتي تحتاج لرئة ممتلئة لنطقها، إن أردت استعادة حسابك في حال فقدانك لجهازك. لا تقم أبداً بحفظ جملة الاستعادة الخاصة بك على أي جهاز إلكتروني. قم بكتابتها على ورقة وأبقها في مكان آمن. إذا فقدت جهازك، أو سُرِق أو تعرض للتلف، فيمكنك ببساطة إعادة تحميل تطبيق المحفظة على هاتف ذكي آخر، وإدخال جملة الاستعادة وستتمكن فورياً من الوصول إلى أموالك مجدداً.

ومع ذلك، فهناك جوانب سلبية لتعاملك مع المفتاح الخاص. إن فقدت جملة الاستعادة وهاتفك، فليست هناك أية طريقة لاستعادة أموالك. إن استطاع أحدهم الوصول إلى مفتاحك الخاص، فليست هناك أية طريقة لمنعهم من تنصيب المحفظة واستخدام جملة الاستعادة الخاصة بك من أجل الوصول إلى أموالك. لذا، قم بحماية جملة الاستعادة الخاصة بك ولا تنس أن تقم بتحديث وصيتك بإرشادات للقائمين على تنفيذها وللمنتفعين من تركتك، تفصل فيها كيفية العثورعلى جملة الاستعادة واستعمالها.

هل يجب أن تخاف من شراء العملات المشفرة؟

لا. قبل ست سنوات من الآن، عمل كاتب المقالة في شركة تكنولوجيا مالية مزجت بين بيانات العملاء المالية وأسعار الأوراق المالية من أجل إنشاء تقارير تحليل مالية يسهل الوصول إليها. تساءل العملاء الجدد في بعض الحالات إن كان كاتب المقالة يعتقد أن هناك خطر من تخزين بيانات المستثمرين “في السحابة”، وكان يجيب عليهم دائماً بـ “لا يوجد شئ آمن بنسبة 100%، إلا أن منصتنا أكثر أماناً من الملفات الورقية الموجودة في مكتبك”.

بما يتشابه مع حسابات تجارة الأسهم على الويب، فإن منصات تداول العملات المشفرة تستعمل مزيجاً من البروتوكولات الأمنية والإجراءات لحماية استثمارات العملاء. ومع ذلك، وبحسب الأمثلة الموضحة أعلاه، فإن الأرصدة الموجودة بشكل دائم على منصة تداول عملات ستكون دائماً معرضة لدرجة من الخطر لأن المفاتيح الخاصة بحسابك مخزنة لدى منصات التداول. وكما ذُكر سابقاً، فإن وجود العديد من المفاتيح الخاصة في مكان واحد يجعل الأمر مغرياً للصوص. إذا تمكن المخترقون من الوصول إلى تلك المفاتيح الخاصة، سيصبح حسابك معرضاً للخطر، وإذا سُرقت العملات، فقد تكون استعادتهم مجدداً أمراً مستحيلاً بالنسبة لك.

ومع أن خطر تعرض أموالك للسرقة من حسابك على الويب يعد طفيفاً، فإن الخبراء ينصحوا بألا تترك كمية كبيرة من المال في حساب التداول الخاص بك.

بعض القواعد الأساسية لحماية عملاتك المشفرة

القاعدة الأولى: إن لم تكن تتاجر بعملاتك المشفرة، فتعود على تحريك أموالك إلى محفظة تتحكم في مفاتيحها الخاصة.

كيف تعرف إن كنت أنت المتحكم في المفاتيح الخاصة؟ الأمر بسيط، هل قمت بإنشاء جملة مكونة من 12 إلى 24 كلمة؟ إن كنت قد فعلت ذلك، فأنت من تتحكم في المفتاح الخاص لتلك المحفظة. إن لم تفعل ذلك، فإن شخصاً آخر هو المتحكم في المفتاح الخاص بتلك المحفظة.

القاعدة الثانية: لا تقم بتخزين عملاتك على حاسبك الشخصي. تسهل إصابة الحاسب الشخصي الذي يستخدم نظام تشغيل ويندوز عن نظام تشغيل الهاتف الذكي بالفيروسات.

يعد نظام تشغيل الهاتف الذكي أبسط من نظام تشغيل الحاسب الشخصي. مما يعني أن هناك فرصاً أقل للمخترقين للوصول إلى هاتفك. بشكل عام، كلما ازداد النظام بساطة، كلما قلت الثغرات التي يمكن للمخترق استغلالها. – أندرياس أنتونوبليس

القاعدة الثالثة: إن لم تكن بحاجة إلى الوصول إلى عملاتك من أجل التداول، فقم بتخزين عملاتك في محفظة تخزين باردة بعيداً عن الويب.

مساحة التخزين الباردة (أو ما تعرف بالمحفظة الباردة) هي جهاز منفصل عن الإنترنت يستخدم في تخزين العملات المشفرة. إن كان جهازك منفصلاً عن الإنترنت، فليس من الممكن اختراقه.

الهاتف الذكي قديم الطراز، والذي تم تنصيب مفتاحك الخاص عليه، وفصله عن الإنترنت أو إطفاءه، قد يكون خياراً بسيطاً ورخيصاً إن كان بحوزتك هاتف قديم، إلا أن البعض يجادل بأن ذلك الخيار ليس الأنسب من الناحية الأمنية.

من أجل الحصول على مستوى أعلى من الأمن، فكر في شراء محفظة تخزين باردة مخصصة لهذا الغرض، مثل تريزور Trezor أو ليدجر Ledger. هذه الأجهزة الخاصة، والتي يصل حجمها إلى حجم إصبع السبابة، تُصنع خصيصاً للتخزين البارد للعملات المشفرة. يقترح بعض الخبراء وجوب شراء منتج جديد من المُصنّع لأنه من المحتمل أن تكون الاجهزة المستعملة قد أُجري عليها بعض التعديلات قبل أن يتم عرضها للبيع للعملاء غير المتشككين. إن فقدت مساحة التخزين الباردة أو تعرضت للتلف، فيمكنك استعادة أموالك ما دمت تملك جملة الاستعادة التي قمت بتنصيبها على الجهاز.

استعمل المنطق البسيط في تعاملك مع العملات المشفرة

المحافظ الساخنة، المحافظ الباردة، متصل بالإنترنت، غير متصل بالإنترنت، يبدو الأمر كما لو كان مليئاً بالمعلومات الجديدة وقد تكون مرتبكاً حيال أي من الإجراءات الأمنية هو الأصلح بالنسبة لك. لذا، إليك قائمة ببعض النصائح المنطقية التي يمكنك استخدامها وتعديلها بما يتلائم مع وضعك المالي الشخصي:

1. إن لم تكن تتاجر بالعملات بشكل يومي، فما المبلغ الذي ستحتاج أن تستبقيه في حسابك على الويب؟ صفر، على الأرجح. إذا انتهيت من المتاجرة، قم بنقل الأموال إلى الجهاز غير المتصل بالإنترنت والذي تتحكم أنت في مفتاحه الخاص.

2. من أجل عمليات الشراء اليومية، استبق من المال في محفظتك الساخنة ما تستبقيه في محفظتك الحقيقية. إن كنت لا تشعر بالارتياح إذا وضعت في محفظتك الحقيقية ما يتجاوز مئتي دولار من العملة النقدية، فلِمَ قد تضع ما يتجاوز ذلك المبلغ في محفظة العملات المشفرة الساخنة الخاصة بك؟

3. هل يعقل أن تترك آلاف الدولارات على المنضدة؟ ستبقيهم على الأرجح في خزانة، أليس كذلك؟ أبق معظم عملاتك المشفرة على الهاتف الذكي في مساحة تخزين باردة (منفصلة عن الإنترنت).

4. ماذا عن عشرات الآلاف من الدولارات في هيئة عملات ذهبية؟ هل ستشعر بالارتياح إن أبقيتها في خزانة منزلك؟ سيكون من الأفضل إن قمت بتخزينها في صندوق إيداع آمن. إن كان بحوزتك كمية من العملات المشفرة سينتج عن ضياعها خسارة مالية فادحة بالنسبة لك، فمن الأفضل أن تستثمر في شراء واحدة على الأقل من أجهزة التخزين الباردة، وقم بعد ذلك بتخزين ذلك الجهاز (أو تلك الأجهزة) في خزانة مضادة للنار في منزلك أو، من أجل أمان أعلى، في صندوق إيداع آمن.

بحسب الخبراء، إن قمت بالتعامل مع العملات المشفرة بشكل مسؤول، فإنها تصبح على نفس مستوى الأمان الخاص بالنقود الورقية. هل من الممكن أن تفقد العملات المشفرة بشكل عارض؟ بالطبع، إلا أن معظم الناس قد فقدوا أو سقط منهم سهواً مبالغ مالية في الشارع بشكل عارض. هل من الممكن أن تتعرض عملاتك المشفرة للسرقة؟ ذلك أمر جائز الحدوث، إلا أن النقود تتعرض للسرقة كل يوم، في الشارع وفي عمليات احتيال مثل تلك التي قام بها بيرني مايدوف عن طريق الاحتيال الهرمي. بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع النقود الورقية، يتوجب عليك أن تتعامل مع العملات المشفرة ببعض المسئولية. إن تعاملت مع العملات المشفرة بنفس القدر من المسؤولية الذي تتعامل به مع العملات النقدية، وباستخدام بعض النصائح المنطقية، فلن تصبح حماية أموالك من اللصوص الإلكترونيين أو الفقدان العارض مسألة صعبة.