أدى النمو السريع لشبكة لايتننغ (LN) لعملة البتكوين (BTC) والعقبات الفنية التي تواجه تبني العملة على نطاق أوسع إلى ظهور بعض النقاشات المثمرة حول كيفية تحسين الشبكة الجديدة. كان من بين العقبات التي حازت الانتباه في الآونة الأخيرة ما يعُرف باسم أزمة “السعة الواردة”.
تُعد هذه المشكلة نتيجة متأصلة للتصميم ثنائي الاتجاه لقنوات الدفع على شبكة لايتننغ، وتجعل استلام العُقد الجديدة للمدفوعات على الشبكة أمراً عسيراً يتطلب عدة طرق لتكملة السعة الواردة لتلك العُقد. حازت هذه المشكلة على اهتمام وسائل الإعلام الرئيسية بعد تزايد صعوبة استلام شعلة لايتننغ Lightning Torch التي أرسلها مستخدمو شبكة لايتننغ المتحمسين إلى بعضهم عبر موقع تويتر Twitter.
منذ ذلك الحين، بدأت المشكلة ذاتها، والحلول المقترحة للحد من مضاعفات مشكلة السعة الواردة، في الظهور بصورة أكثر وضوحاً. صحيح أنَّه ينبغي إخفاء تعقيدات إعادة توازن القنوات والمشكلات التي من قبيل مشكلة السعة الواردة عن أعين المستخدم النهائي في نهاية المطاف، ولكن في الوقت الراهن، يجدر بنا تقييم طبيعة المشكلة بالضبط والمبادرات الجارية لحلها.
ما هي السعة الواردة للعُقد؟
تتكون شبكة لايتننغ للبتكوين من قنوات دفع ثنائية الاتجاه تربط بين المستخدمين عن طريق شبكة من العُقد المتشابكة؛ وتكون سعة قنوات الدفع بين أي اثنين من المستخدمين ثابتة بمجرد فتح القناة بينهما، بحيث لا يمكن تغييرها إلا بعد إغلاق القناة وفتح قناة جديدة.
تتكون قنوات الدفع من جهتين: رصيد محلي Local Balance ورصيد خارجي (Remote Balance). الرصيد المحلي هو جانب المُستخدم نفسه من القناة، بينما الجانب الآخر من القناة هو الرصيد الخارجي. على سبيل المثال، إذا كان لدى أليس وبوب قناة دفع مفتوحة قدرتها 5 بتكوين، وكنت أنت بوب، فإن لديك رصيد محلي قيمته 2 بتكوين، بينما تكون قيمة الرصيد الخارجي (رصيد أليس) 3 بتكوين. وعليه، فإن سعة القناة هي 5 بتكوين.
أليس 3 <————————-> 2 بوب
باستطاعة أليس وبوب تحديث رصيديهما داخل القناة دون تجاوز سعة القناة (5 بتكوين)، إلا أنَّ التصميم ثنائي الاتجاه للقناة يتسبب في ظهور مشكلات في بعض الأحيان. ويمكن أن يكون التحايل على التصميم ثنائي الاتجاه عسيراً إذا أراد المستخدم قبول المدفوعات أو تحقيق التوازن بين قنواته؛ خصوصاً عند الأخذ بالاعتبار إمكانية إضافة المزيد من الأطراف وإعادة توجيه المدفوعات.
مثال على ذلك: لنقل إنَّ تشارلي يريد استلام مدفوعات من أليس، ولكن ليس لديه سوى قناة دفع واحدة مفتوحة مع بوب. في هذه الحالة، ما زال بإمكان تشارلي استلام المدفوعات من أليس، ولكن طالما أنَّ بوب يمتلك مبلغًا من البتكوين يكفي لإعادة توجيه المدفوعات إلى تشارلي عن طريق رصيد تشارلي الخارجي مع بوب، ورصيد بوب المحلي مع تشارلي.
أليس 3 <—————-> 2 بوب 0 <—————> 2 تشارلي
إذا نظرنا إلى المثال المذكور أعلاه، سنجد أنَّ أليس لا تستطيع إرسال أي بتكوين إلى تشارلي لأنَّ قيمة رصيد بوب المحلي (أي رصيد تشارلي الخارجي) هي صفر بتكوين: أي أنَّ السعة الواردة لتشارلي قد أعاقت وصول مدفوعات أليس. وهكذا، فإنَّ سعة تشارلي الواردة في أي فترة من فترات كون قناته مفتوحة تكون مقصورة بوضوح على رصيده الخارجي مع الطرف الآخر الذي يُعيد توجيه المدفوعات (في هذه الحالة، بوب).
في المثال الموضح أعلاه، كانت السعة الواردة لتشارلي هي صفر. ولكن في المثال الموضح أدناه (بقناة ذات سعة أعلى تبلغ 1 بتكوين)، سنجد أنَّ السعة الواردة لتشارلي هي واحد، وأنَّ بإمكانة استلام مبلغ بحد أقصى 1 بتكوين من أليس. يسلط هذا الضوء، بوجه عام، على كيف أنَّ السيولة هي إحدى أكبر المشكلات التي تواجه نمو شبكة لايتننغ؛ ولا عجب في هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنَّها شبكة جديدة للمدفوعات.
أليس 3 <—————-> 2 بوب 1 <—————> 2 تشارلي
لعل منشأ مشكلة السعة الواردة هي حقيقة أنَّ الطرفين حين يموّلان قناتيهما، فهما في البداية يموّلان رصيديهما المحليين فقط، ثم يصبح ما يودعه الطرف الآخر في القناة بعد ذلك هو الرصيد الخارجي للطرف المعني. نتيجةً لذلك، باستطاعة مستخدمي شبكة لايتننغ تحديد سعتهم الصادرة (التي ترتبط برصيدهم المحلي)، بينما لا يمتلكون سيطرة مباشرة على سعتهم الواردة.
كذلك، يمكن أن تزداد هذه المشكلة تعقيداً عند إضافة المزيد من الروابط عبر الشبكة بأكملها وإعادة توجيه المدفوعات بين العقد المختلفة. فلنتخيل معاً آلاف العُقد غير المتصلة ببعضها مباشرةً ولكنها تعتمد في تنفيذ المدفوعات على إعادة التوجيه بين العُقد: ربما تمكنّا من حل مشكلة السعة الواردة بعُقدة مجاورة، ولكن في هذه الحالة يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار السعة الواردة للعقدة المجاورة لتلك العقدة المجاورة، وهلم جرا.
مثل هذه الديناميكية تتطلب وجود مزودين للسيولة يؤدون دور العُقد المعنية بإعادة التوجيه، وأيضاً طرق للحد من مشكلة السعة الواردة بالنسبة للمستخدمين الذين لديهم أرصدة قنوات صغيرة أو جديدة على الشبكة.
من الناحية الأخرى، من المحتمل أن تكون مشكلة السعة الواردة من بين الأسباب الرئيسية وراء ازدياد صعوبة إرسال شعلة لايتننغ في مراحلها الأخيرة: فمع ارتفاع قيمة الشعلة، بدأ عدد مزودي السيولة لإعادة توجيه المدفوعات يصبح أقل فأقل؛ وبالتالي صار من المستحيل على مستخدمين كثر تسلّم الشعلة بسبب عدم كفاية سعتهم الواردة.
مع ذلك، وحتى مع كل المشكلات التي تسببها السعة الواردة، خصوصاً للمستخدمين الجدد الذين أطلقوا عُقدهم وفتحوا قنوات الدفع الخاصة بهم للتو، هناك طرق تتيح للمستخدمين زيادة السعة الواردة لقنوات الدفع الخاصة بهم.
إذا كنتم تبحثون عن معلومات أكثر تعمقاً حول استخدام شبكة لايتننغ والسعة الواردة، يُنصح بالإطلاع على هاتين المقالتين هنا وهنا.
معالجة مشكلة السعة الواردة
إنَّ زيادة السعة الواردة يعني فتح قنوات دفع جديدة وربط قناة الدفع الخاصة بقنوات إعادة توجيه مدفوعات ذات أرصدة خارجية ضخمة (أو أرصدة محلية ضخمة من وجهة نظر الطرف الآخر). ولذلك، تُعد العُقد المتوازنة ذات الروابط الجيدة هي الخيار الأمثل لتحسين السعة الواردة؛ إذ إنَّها ستربط المُستخدم بعُقد عامة أخرى كثيرة. مع ذلك، فالأمر ليس دائمأً بهذه السهولة بالنسبة للعُقد الجديدة التي يتم إطلاقها على النظام الإيكولوجي.
لحسن الحظ، هناك عدة طرق مباشرة للغاية لزيادة السعة الواردة، منها ببساطة تنفيذ المدفوعات الصادرة: فإنفاق العملات يحوّلها من الرصيد المحلي إلى الرصيد الخارجي. صحيح أنَّ الأمر يتطلب إنفاق العملات التي يمتلكها المستخدم، ولكن بما أنَّ معظم المدفوعات على شبكة لايتننغ ضئيلة على أي حال، فإنَّ إرسال مدفوعات ضئيلة عبر قنوات مختلفة لا يُشكّل عبئًا مالياً جسيماً على المستخدم، وفي الوقت نفسه يمكن أن يساعد على زيادة السعة الواردة لقناة الدفع الخاصة به.
هناك طريقة أخرى مباشرة إلى حد ما لزيادة السعة الواردة؛ ألا وهي أن يطلب المستخدم من مشغّلي العُقد فتح قنوات واردة معه. أفضل طريقة لتنفيذ ذلك هي بالاستعانة بعدة خدمات لفتح القنوات تفتح قنوات دفع من العُقدة الخاصة بالمستخدم مباشرةً؛ بلا مقابل في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى مقابل رسوم رمزية للغاية.
تُعد ثور Thor التابعة لشركة بت ريفل Bitrefill ولايتننغ تو مي LightningTo.Me وموقع إل إن بيغ LNBig.com جميعاً خدمات لفتح قنوات الدفع بشروط ورسوم مختلفة لسعة قناة الدفع. مثل هذه الخدمات تكون مفيدة للغاية عند إطلاق عُقد جديدة، على سبيل المثال: إذا كان المستخدم قد اشترى عُقدة من شركة كازا Casa Node ويرغب بالبدء في استلام المدفوعات.
هناك خدمات أخرى، ولكنها خدمات لإدارة الأصول، تتيح إمكانية استبدال بتكوين شبكة لايتننغ بالبتكوين الموجود على البلوكتشين؛ في ما يُعد ببساطة نسخة مختلفة من إنفاق بتكوين شبكة لايتننغ لشراء البتكوين الموجود على البلوكتشين. من بين الأمثلة على تلك الخدمات: زيغ زاغ zigzag وكوين بلازا coinplaza ولايتننغ كونداكتور lightningconductor. إلا أنَّها جميعاً خدمات لإدارة الأصول، وبالتالي قد يُعد الخيار الجديد غير المعني بإدارة الأصول الذي تقدمه شركة لايتننغ لابز Lightning Labs بديلاً أفضل عنها، غير أنَّه لا يزال في مرحلة التجريب المبكر.
يحمل هذا الخيار اسم لايتننغ لوب Lightning Loop، وهو عبارة عن جسر يربط بين داخل سلسلة البلوكتشين وخارجها باستخدام تقنية سابمارين سواب Submarine Swap للاستحواذ على السعة الواردة من عُقد عشوائية على الشبكة، إمَّا بإيداع الأموال في محافظ على البلوكتشين دون إغلاق قناة الدفع بعدها أو بدفع الأموال إلى محفظة احتياطية على البلوكتشين في حال لم تكن هناك سيولة كافية لإعادة توجيه المدفوعات.
وفقاً للتنفيذ المستقل من شركة لايتننغ لابز، تتكون لايتننغ لوب حالياً من خاصية واحدة تُعرف باسم “لوب آوت” Loop Out، تمكّن من مقايضة الأموال الموجودة خارج البلوكتشين بالأموال الموجودة عليها بطريقة مختلفة عن إدارة الأصول. هذه الخاصية ليست متاحة بعد في الوقت الراهن، ولكنَّها ستسمح باستخدام الأموال الموجودة على البلوكتشين لزيادة الرصيد المحلي لقنوات الدفع الموجودة على شبكة لايتننغ.
الخاتمة
بوجه عام، مشكلة السعة الواردة جاءت نتيجة عدم كفاية السيولة في شبكة المدفوعات بمرحلتها المبكرة أكثر منها خطئاً جوهرياً في تصميم الشبكة. وهناك بالفعل حلول متاحة للتغلب على هذه المشكلة للتجّار والمتحمسين والمطوّرين على شبكة لايتننغ؛ بعضها بسيط والآخر أكثر تعقيداً.
وبما أنَّ شبكة لايتننغ لا تزال مستمرة في التقدّم، من المحتمل أن يزداد انتشار المزيد والمزيد من خدمات قنوات الدفع المفتوحة وخدمات المقايضة غير المعنية بإدارة الأصول وتجريد واجهة المستخدم UI Abstraction من مشكلة السعة الواردة.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة