في العام الماضي، 2018، كانت منصة توكن فاوندري Token Foundry تسعى إلى أن تصبح أفضل منصة لتشغيل العروض الأولية للعملة (ICO).
هكذا نص موقع الشركة الناشئة التي تحتضنها شركة كونسنسيس ConsenSys، حتى يوم 21 يناير/كانون الثاني 2019. لكن في غضون الأيام القليلة التالية، أضاف الموقع رسالتين جديدتين للشركة، وسرعان ما حدد أخيراً غاية جديدة: “نحن نعتزم في هذا العام إضافة طرق جديدة لإجراء معاملات تجارة العملات المشفّرة Cryptocommerce”.
من ناحية، فقد صرّحت ثلاثة مصادر على دراية بالوضع لموقع كوين ديسك CoinDesk بأنَّه من المستبعد أن تتمكن شركة كوين فاوندري من الوفاء برسالتها من الأساس؛ إذ إنًّها صارت أقرب إلى شركة مهجورة في هذه المرحلة، على حد قولهم.
لكنًّ جاي تاكرار، رئيس العمليات بكلِ من توكن فاوندري وكونسنسيس ديجيتال سيكيوريتيز ConsenSys Digital Securities، أنكر هذا التقييم.
فقد صرّح في رسالة إلكترونية أرسلها إلى موقع كوين ديسك: “شركة توكن فاوندري لم تتوقف عن العمل. المعلومات التي وصلتكم عارية من الصحة”.
وكتب موضّحاً، في رسالة إلكترونية لاحقة: “تركز شركة توكن فاوندري في عملها على بناء الشبكات اللامركزية المستدامة وتوفير توكن خاضع للتدقيق يمكن للمشترين شراؤه بأمان… لقد علمنا أنَّ هناك سوقاً طويلة من المشترين المحتملين الذين يجهلون كيفية المشاركة في عالم الويب 3.0، وعليه فإنَّنا نُطوّر برمجية إضافية تساعد على سد هذه الفجوة بحرص”.
لطالما تساءل المراقبون عن مصير الشركة منذ أن ترك مؤسسها ومديرها التنفيذي، هاريسون هاينز، العمل في شركة كونسنسيس في شهر أغسطس/ آب 2018، بعد أربعة أشهر فقط من انطلاق توكن فاوندري. ويتولى هاينز حالياً إدارة شركة تُدعى تيرمينال سيستمز Terminal Systems، تضم خمسة موظفين سابقين آخرين من شركة كونسنسيس على الأقل، وفقاً لما ورد في ملفه على موقع لينكدإن LinkedIn.
وذكر مصدر على دراية بالوضع، اشترط عدم الكشف عن هويته، لموقع كوين ديسك: “لم يبقَ هناك أحد في شركة كوين فاوندري: كل الموظفين الذين ما يزالون يعملون تحت راية الشركة هم في الواقع يعملون في صفوف شركة كونسنسيس ديجيتال سيكيوريتيز. هم فقط لم ينهوا العلامة التجارية للشركة بعد لأن ذلك سيترك انطباعاً سيئاً”.
من جانبه، قال هاينز في رسالة نصية أرسلها إلى موقع كوين ديسك: “لا شك أنَّ وجود مؤسس وقائد ماهر وشغوف برؤية الشركة ورسالتها هو أمر لا غنى عنه في سبيل إنجاح أي شركة ناشئة والمحفاظة على روح الفريق وحماسته”.
لعل في ذلك إشارةٍ إلى مؤسس شركة كونسنسيس، جوزيف لوبين، الذي تفيد الشائعات بأنَّه يمتلك الغالبية العظمى من أسهم كل شركة ناشئة تابعة للشركة الحاضنة للمشروعات التجارية. وأضاف هاينز: “لن أؤسس شركة يتحكم بها شخص آخر ثانيةً”.
أداة لتوليد الإيرادات؟
انطلقت منصة توكن فاوندري في شهر أبريل/ نيسان 2018. وبحلول صيف العام نفسه، كان لوبين يصوّر الشركة الناشئة على أنَّها حققت نجاحاً باهراً.
وفي مقابلةً أمام الجمهور أجراها جايك بروخمان مؤسس شركة كوين فاند CoinFund مع لوبين يوم 20 أغسطس/آب 2018، ضمن فعالية أُقيمت في مدينة بروكلين الأميركية، جاء اسم شركة توكن فاوندري باعتبارها واحدة من مشروعين فقط ذكرهما لوبين على أنَّهما مشروعات تولّد إيرادات قوية لشركة كونسنسيس، بعد أن ضغط عليه بروخمان لكي يُفصح عن ماهية أبرز 50 مشروع يُدر الأرباح للشركة.
من الناحية الأخرى، فقد صرّح مصدر لموقع كوين ديسك: “لقد توقعت الشركة تحقيق إيرادات تتراوح ما بين 50 إلى مائة مليون دولار أميركي في عام 2018. لكنَّ هذا مستبعد تاماً بناءً على المبيعات التي حققتها الشركة فعلياً”.
مع ذلك، فإنَّ الموقع القديم لشركة توكن فاوندري يذكر الانتهاء من أربعة مبيعات، ثلاثة منها فقط تمت بنجاح: شبكة ديثر Dether، التي تسمح للمتاجر الفعلية بيع العملات المشفّرة، جمعت 13.4 مليون دولار أميركي في شهر فبراير/ شباط 2018. في حين جمعت الشركة الناشئة في مجال المراهنة فيرتشو بوكر 18.5 مليون دولار أميركي في مايو/ أيار من العام نفسه. بعد ذلك، جمع بروتوكول لتحسين خدمات الموقع الجغرافي يُدعى فوم FOAM مبلغ 16.5 مليون دولار أميركي في أغسطس/آب من العام ذاته. وأخيراً، فشلت شركة سيفيل Civil الناشئة في مجال الإعلام في تحقيق الحد الأدنى لقيمتها السوقية Soft Cap، وردّت جميع المساهمات (أغلبها من شركة كونسنسيس ذاتها) إلى المستثمرين المشاركين بها.
بحسب أخبار وردت لاحقاً، كانت توكن فاوندري ستنال نسبة ضئيلة للغاية من أي مبيعات؛ شأنها في ذلك شأن أي شركة مزودة للخدمات، لكنَّ يبدو أنَّ وتيرة المبيعات لم تكن كافية لتبرير عدد الموظفين المُعينين بها.
وعليه، فقد استغنت الشركة الناشئة عن سبعة موظفين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وفقاً لموقع ذا بلوك The Block. إذ قال تاكرار للموقع: “نحن بصدد توسيع عروضنا، سوف نعيد تقييم موقفنا باستمرار لكي نضمن نجاح شركة توكن فاوندري في المستقبل في هذا المجال النشط”.
وأرسل تاكرار الرسالة نفسها إلى موقع كوين ديسك في وقت لاحق من الشهر نفسه، لكنَّه أضاف قائلاً فيها: “هدفنا لم يتغير: توصيل المنصات بالمشاركين الحاليين الذين سيضيفون أكبر قيمة إلى الشبكة؛ مما من شأنه أن يقلل العوائق أمام المشاركين المُحنكين ويخلق مكافآت للمشاركين الجُدد”.
في الوقت نفسه، كانت هناك عملية انكماش أوسع نطاقاً تحدث في شركة كونسنسيس، وفقاً لما ورد في خبر نشره موقع كوين ديسك في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2018. من غير المعروف ما إذا كان تسريح الموظفين المرتبط برؤية لوبين للمرحلة الثانية من كونسنسيس (المسماة “كونسنسيس تو بوينت أو ConsenSys 2.0) قد أدى إلى خفض عدد الموظفين في توكن فاوندري أكثر أم لا، لكن مصدراً آخر على دراية بوضع الشركة قد ذكر أنَّ معظم أفراد فريق العمل الأصلي إما غادروا الشركة بالفعل أم يسعون إلى ذلك.
تغيّر رسالة الشركة
لعل من ظل يعمل في المشروع قد بدأ يحوّل توجهه نحو محور التركيز الجديد لاقتصاد التوكن: توكن الأوراق المالية Security Tokens.
وفقاً لهيئة تنظيم الصناعة المالية في الولايات المتحدة FINRA، وهي هيئة التنظيم الذاتي للقطاع المالي، فإنَّ شركة كونسنسيس ديجيتال سيكيوريتيز هي جزء من شركة توكن فاوندري.
وبحسب هيئة تنظيم الصناعة المالية في الولايات المتحدة، فإنَّ كونسنسيس ديجيتال سيكيوريتيز (CDS) مرخصّة على أنَّها وسيط تاجر: شركة تتاجر بالأوراق المالية المُسجّلة. وهذا تمييز مهم؛ إذ إنَّه قبل بيع توكن السيفيل (CVL) في العام الماضي، 2018، كانت كونسنسيس وتوكن فاوندري تروّجان رسالة بأنَّ التحايل على قانون الأوراق المالية ممكن من خلال “التوكنات الاستهلاكية Consumer Tokens”.
ذلك الاقتراح لم يُجرَّب قط، على الأقل ليس في وجود توكن فاوندري: فقد فشل بيع توكن سيفيل في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي. فضلاً عن أنَّ العرض الأولي الجديد لتوكن سيفيل سوف يستبعد شركة توكن فاوندري كلياً.
لعل تحوّل مشروع توكن فاوندري إلى مشروع أكثر تماشياً مع قانون الأوراق المالية المتعارف عليه يظهر جلياً في النُسخ المختلفة للموقع الجديد.
حتى نهاية الشهر الماضي، يناير/كانون الثاني 2019، كانت الصفحة الرئيسية للموقع تُعبّر عن الرسالة الأصلية للمشروع، من خلال شعار يقول: “توكن فاوندري هي منصة عالمية يمكن للجميع من خلالها شراء توكن خاضع للتدقيق”.
لكن بعدها بأيام قليلة، أُعيد تصميم الصفحة الرئيسية كلياً؛ وأصبح نص الرسالة الجديد أقرب إلى رسالة شركة رأس مال مغامر، كما يلي: “تسعى شركة توكن فاوندري إلى عقد الشراكات مع الشركات الناشئة الطموحة والشركات المعنية ببناء البُنى التحتية والتطبيقات الخاصة بالويب 3.0”.
وبحلول يوم الاثنين التالي، كانت الشركة قد أضافت رسالة ثالثة بدت أقرب إلى الرسالة الأولى، نصت على ما يلي: “أصبحت شركة توكن فاوندري في العام الماضي الشركة المُعتمدة لإصدار التوكن المُصمم جيداً وشرائه. ونحن نعتزم في هذا العام إضافة طرق جديدة لإجراء معاملات تجارة العملات المشفّرة؛ من الاشتراكات إلى إصدار التوكن”.
وفقاً لتاكرار، كونسنسيس ديجيتال سيكيوريتيز ما هي إلا جزء من استراتيجية التوكن الأوسع نطاقاً بشركة كونسنسيس، التي وصفها تاكرار بأنَّها عبارة عن فريق عمل يعمل سراً على “بناء السوق الأولية والثانوية لبيع وشراء الأصول بعد تحويلها إلى توكن”.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة