كانت العملات المشفرة، على الرغم من الانخفاض الحاد في قيمتها العام الماضي، ما تزال مثاراً للجدل في المنتدى العالمي الاقتصادي في منتجع دافوس بسويسرا. تناقش خبراء العملات المشفرة والبلوكتشين بخصوص التكنولوجيتين أثناء اللجنة الحوارية المسماة “بناء مخطط معماري مستدام للعملات المشفرة“، حيث شاركوا رؤيتهم في ما يتعلق بكلا جانبي النقاش.
استهلت جيليان تت، مديرة تحرير النسخة الأميركية من صحيفة فاينانشال تايمز Financial Times، المناقشة بكينيث روغوف، أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد، الذي قال إنَّ العملات المشفرة مرت بما يعرف بـ”الفقاعة الاقتصادية” في السنة الماضية. وأكد أنَّه “من المستحيل” أن تتغلب العملات المشفرة على العملات الورقية، لتحل محلها وتصبح عملات شائعة الاستخدام. لكنَّه اعترف أنَّه في عام 2012، نصح ابنته التي كانت تبلغ من العمر حينها 13 عاماً، ببيع الـ25 بتكوين التي كانت قد عدنتها مقابل 60 دولاراً، وهو ما حدث.
وفي الناحية الأخرى من النقاش، كان هناك جيريمي آلير المؤسس والمدير التنفيذي لشركة سيركل Circle، الذي فسر ارتفاع أسعار العملات المشفرة بمعدل استخدامها واسع النطاق، إذ قال: “يمكنكم الحديث عن البتكوين بالتحديد، والجدال بشأن مدى قيمة هذا النوع من العملات، الذي يتميز بكونه غير سيادي وسري وغير خاضع للرقابة، بالنسبة للعالم. من الواضح أنَّها قيمة للعالم، وأنَّ لها سوق ناشطة”.
وعارضه روغوف بقوله إنَّ أي عالمٍ يتخذ من إحدى العملات المشفرة عملته الرسمية، ليس بعالمٍ آمن أو مستقر: “هناك طرق تمكن أي شخص راغب في إحداث شغب وعلى استعداد لدفع مئة مليار دولار أميركي، من إطاحة النظام المالي العالمي. عند حدوث ذلك، من يمكننا اللجوء إليه بعد أن أصبح النظام غير مركزي؟ من يمكننا الاتصال به حينئذٍ؟”.
فيما قالت إليزابيث روسييلو، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة بت بيسا BitPesa، التي تقدم خدمات الدفع بالعملات المشفرة في البلدان الأفريقية، إنَّه “ما تزال أغلب البلدان داخل القارة تجد إجراء عمليات التحويل المباشرة، التي تستغرق يوماً واحداً من بلد إلى آخر مجاور، مهمة مستحيلة. حتى داخل المجموعة الاقتصادية لدول شرق أفريقيا، تستغرق عملية التحويل من الشيلينغ الكيني إلى الشيلينغ الأوغندي نحو يومي عمل وتكلف 7% من قيمة المبلغ المحول”.
وأضافت إليزابيث أنَّ متوسط حجم التحويل في شركة بيت بيسا زاد من مئتي دولار، ليصل إلى مئة ألف دولار في يومنا الحالي، وأنَّ هدف الشركة هو “إنشاء سوق تحركه العملات الأفريقية”.
ولفت جو نينغ، الأستاذ بجامعة تشينغوا الصينية، أنَّ الجهات التنظيمية الصينية تتخذ موقفاً سلبياً من العملات المشفرة لأنَّهم يرونها وسيلة للتحايل على ضوابط تدفقات رؤوس الأموال، وأنَّها تعرض المستهلكين للمخاطر.
وقال إنَّ هناك قيم أساسية تحكم العملات المشفرة، لكنَّها لا تستند إلى قواعد ثابت، إضافة إلى أنَّ مستويات الأسعار الحالية غير مبررة.
تكنولوجيا البلوكتشين أقل إثارة للجدل من العملات المشفرة
لم تكن البلوكتشين مثيرة للجدل بقدر العملات المشفرة، مع أنَّه كان هناك خلاف بشأن المدى المسموح به لتبني منصات العقود الذكية. زعم جيريمي آلير أنَّ البلوكتشين لا يرتبط حصرياً بالعملات المشفرة، وقال: “يعد هذا في الواقع أحد مخاوف مجال العملات المشفرة، أي كيفية تحويل معمارية المعلومات إلى أخرى غير مركزية، ليس فقط النظام المالي. إنَّها ثورة معمارية أكثر توسعاً، وتحاول المنصات الأخرى المماثلة لمنصة الإيثريوم التي تسعى لمنافستها (عددها 10 أو 15 منصة)، بناء نظام جديد وعالمي لحفظ السجلات، وآخر لمعالجة المعاملات، ومحرك حوسبة يتيح للمستخدمين من تشغيل التطبيقات المفيدة، التي تعمل وسيطاً حين لا يثق أطراف المعاملات ببعضهم”.
وكان روغوف متشككاً في مزاعم اللا مركزية، سواء في ما يتعلق بالأموال أو بأي أغراض أخرى، وقال: “يمكنني القول بأنَّ الحكومات لا يمكنها التسامح مع معاملات واسعة النطاق مجهولة الهوية، حتى لو كانت عقارية. لم تُسن اللوائح بعد حتى الآن، إذ طالما حاولت الولايات المتحدة تجنب وضع قواعد للعملات المشفرة، بدأ الجميع في وضع ذلك في الاعتبار مؤخراً فقط”.
وأضاف روغوف أنَّ الجهات المنظمة في الولايات المتحدة كانت تتجنب التورط في أي شيء يتعلق بتكنولوجيا البلوكتشين، لكنَّ هذا قد يتغير إذا اتسع نطاق تبنيها أو ازدادت قيمتها.
غالباً ما سيظل الجدال بخصوص مستقبل العملات المشفرة والبلوكتشين قائماً لفترة. ومع أنَّ هذا الموضوع لم يثر جدلاً كالذي أثاره العام الماضي حين كان سوق العملات المشفرة في قمته، فمن المرجح أن يبرز من جديد في الإصدارات المستقبلية من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
مواضيع تهمك
هناك مواضيع أخري متعلقة